حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوقَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ «١» ". وَجْهُ دَلَالَتِهِ أَنَّهُ مَنَعَ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْمُتَشَابِهَاتِ مَخَافَةَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَذَلِكَ سَدٌّ لِلذَّرِيعَةِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمَ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ" قَالُوا: وَكَيْفَ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ:" يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ". فَجَعَلَ التَّعْرِيضَ لِسَبِّ الْآبَاءِ كَسَبِ الْآبَاءِ. ولعن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليهود إذا أَكَلُوا ثَمَنَ مَا نُهُوا عَنْ أَكْلِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي كِتَابِهِ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. وَنَهَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ بَيْنَهُمَا جَرِيرَةٌ «٢». وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِ الْجَمْعِ بَيْنَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَعَلَى تَحْرِيمِ قَلِيلِ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْكِرُ، وَعَلَى تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ عِنِّينًا، وَعَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ الشَّابَّةِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ وَيُعْلَمُ عَلَى الْقَطْعِ وَالثَّبَاتِ أَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ فِيهَا بِالْمَنْعِ، لِأَنَّهَا ذَرَائِعُ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالرِّبَا أَحَقُّ مَا حُمِيَتْ مَرَاتِعُهُ وَسُدَّتْ طَرَائِقُهُ، وَمَنْ أَبَاحَ هَذِهِ الْأَسْبَابَ فَلْيُبِحْ حَفْرَ الْبِئْرِ وَنَصْبَ الْحِبَالَاتِ لِهَلَاكِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَذَلِكَ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ. وَأَيْضًا فَقَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى مَنْعِ مَنْ بَاعَ بِالْعِينَةِ إِذَا عُرِفَ بِذَلِكَ وَكَانَتْ عَادَتُهُ، وَهِيَ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَابِ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ- رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ". فِي إِسْنَادِهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ. لَيْسَ بِمَشْهُورٍ «٣». وَفَسَّرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ الْعِينَةَ فَقَالَ: هِيَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ. قَالَ: فَإِنِ اشْتَرَى بِحَضْرَةِ طَالِبِ الْعِينَةِ سِلْعَةً مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ طَالِبِ الْعِينَةِ بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالنَّقْدِ بِأَقَلَّ من الثمن
(٢). كذا في هـ وا وفي ح وب وج: حريره، والذي يبدو أن المعنى: دراهم بدراهم معها شي قد يكون فيه تفاضل، ولعل الأصل: بينهما جديدة. أي بينهما تفاضل لما بين الجديد والقديم منها من الفرق.
(٣). في اعلى الهامش: في إسناده أبو عبد الرحمن الخراساني اسمه إسحاق بن أسيد نزيل مصر لا يحتج به، فيه أيضا عطاء الخراساني، وفية: فقال لهم لم يذكره الشيخ رضي الله عنه ليس بمشهور.