يَوْمَ أُحُدٍ" مِنْهُمْ حَمْزَةُ وَالْيَمَانُ وَالنَّضْرُ «١» بْنُ أَنَسٍ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ علي أن معاذ ابن هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ. قَالَ: وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَوْمُ الْيَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. وَقَالَ أَنَسٌ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبِهِ نَيِّفٌ وَسِتُّونَ جِرَاحَةً مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهَا وَهِيَ تَلْتَئِمُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَأَنْ لَمْ تَكُنْ. الثَّانِيَةُ- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِرَادَةَ غير الامر كما يقوله أهل السنة، إن اللَّهَ تَعَالَى نَهَى الْكُفَّارَ عَنْ قَتْلِ الْمُؤْمِنِينَ: حَمْزَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَرَادَ قَتْلَهُمْ، وَنَهَى آدَمَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ وَأَرَادَهُ فَوَاقَعَهُ آدَمُ، وَعَكْسُهُ أَنَّهُ أَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ وَلَمْ يُرِدْهُ فَامْتَنَعَ مِنْهُ، وَعَنْهُ وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ الْحَقِّ:" وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ «٢» ". وَإِنْ كَانَ قَدْ أَمَرَ جَمِيعَهُمْ بِالْجِهَادِ، وَلَكِنَّهُ خَلَقَ الْكَسَلَ وَالْأَسْبَابَ الْقَاطِعَةَ عَنِ الْمَسِيرِ فَقَعَدُوا. الثَّالِثَةُ- رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ «٣»؟ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ لَهُ: (خَيِّرْ أَصْحَابَكَ فِي الْأُسَارَى إِنْ شَاءُوا الْقَتْلَ وَإِنْ شَاءُوا الْفِدَاءَ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ عَامَ الْمُقْبِلِ مِثْلُهُمْ فَقَالُوا الْفِدَاءَ وَيُقْتَلُ مِنَّا) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. فَأَنْجَزَ اللَّهُ وَعْدَهُ بِشَهَادَةِ أَوْلِيَائِهِ بَعْدَ أَنْ خَيَّرَهُمْ فَاخْتَارُوا الْقَتْلَ. (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) أَيِ الْمُشْرِكِينَ، أَيْ وَإِنْ أَنَالَ «٤» الْكُفَّارَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ لَا يُحِبُّهُمْ، وَإِنْ أَحَلَّ أَلَمًا بِالْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ يُحِبُّ الْمُؤْمِنِينَ.
[سورة آل عمران (٣): آية ١٤١]
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (١٤١)
(٢). راجع ج ٨ ص ١٥٦.
(٣). في ب ود وهـ: روى على.
(٤). في هـ ود: أدال.