أو طاس، ثُمَّ حُرِّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَلَيْسَ لَهَا أُخْتٌ فِي الشَّرِيعَةِ إِلَّا مَسْأَلَةُ الْقِبْلَةِ، لِأَنَّ النَّسْخَ طَرَأَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ اسْتَقَرَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ مِمَّنْ جَمَعَ طُرُقَ الْأَحَادِيثِ فِيهَا: إِنَّهَا تَقْتَضِي التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ سَبْعَ مَرَّاتِ، فَرَوَى ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ. وَرَوَى سَلَمَةُ بن الأكوع أنها كانت عام أو طاس. وَمِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ خَيْبَرَ. وَمِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ إِبَاحَتُهَا يَوْمَ الْفَتْحِ. قُلْتُ: وَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَفِي غَيْرِهِ عَنْ عَلِيٍّ نَهْيُهُ عَنْهَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَلَمْ يُتَابِعْ إِسْحَاقَ بْنَ رَاشِدٍ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ النَّهْيُ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَذَهَبَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى أَنَّ هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ عَمْرٌو «١» عَنِ الْحَسَنِ مَا حَلَّتِ الْمُتْعَةُ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثًا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مَا حَلَّتْ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ سَبْرَةَ أَيْضًا، فَهَذِهِ سَبْعَةُ مَوَاطِنَ أُحِلَّتْ فِيهَا الْمُتْعَةُ وَحُرِّمَتْ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ: كُلُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطْلَاقَهَا أَخْبَرُوا أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَفَرٍ، وَأَنَّ النَّهْيَ لَحِقَهَا فِي ذَلِكَ السَّفَرِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمَنَعَ مِنْهَا، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُخْبِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي حَضَرٍ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. فَأَمَّا حَدِيثُ سَبْرَةَ الَّذِي فِيهِ إِبَاحَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَخَارِجٌ عَنْ مَعَانِيهَا كُلِّهَا، وَقَدِ اعْتَبَرْنَا هَذَا الْحَرْفَ فَلَمْ نَجِدْهُ إِلَّا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَاصَّةً، وَقَدْ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ وَأَنَّهُمْ شَكَوْا إِلَيْهِ الْعُزْبَةَ «٢» فَرَخَّصَ لَهُمْ فِيهَا، وَمُحَالٌ أَنْ يَشْكُوَا إِلَيْهِ الْعُزْبَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا حَجُّوا بِالنِّسَاءِ، وَكَانَ تَزْوِيجُ النِّسَاءِ بِمَكَّةَ يُمْكِنُهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا حِينَئِذٍ كَمَا كَانُوا فِي الْغَزَوَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ عَادَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تكرير مثل هذا في مغازيه
(٢). العزبة (بضم عين مهملة وزاي معجمة) التجرد عن النساء. ويحتمل أن يكون بغين معجمة وراء مهملة أي الفراق عن الأوطان لما فيه من فراق الأهل (عن ابن ماجة).