أَقْبَلَ سَيْلٌ جَاءَ مِنْ عِنْدٍ اللَّهْ | يَحْرِدُ حَرْدَ الْجَنَّةِ الْمُغِلَّهْ «١» |
قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَلَا يُزَادُ مِنْ هَذَا الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْبَعِ إِلَّا بَيْتٌ جاء عن الكميت:
فلم يستريثوك حَتَّى رَمَيْ | تَ فَوْقَ الرِّجَالِ خِصَالًا عُشَارَا |
يَعْنِي طَعَنْتَ عَشَرَةً. وَقَالَ ابْنُ الدَّهَّانِ: وَبَعْضُهُمْ يَقِفُ عَلَى الْمَسْمُوعِ وَهُوَ مِنْ أُحَادَ إِلَى رُبَاعَ وَلَا يَعْتَبِرُ بِالْبَيْتِ لِشُذُوذِهِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْحَاجِبِ: وَيُقَالُ أُحَادُ وَمَوْحَدُ وَثُنَاءُ وَمَثْنَى وَثُلَاثُ وَمَثْلَثُ وَرُبَاعُ وَمَرْبَعُ. وَهَلْ يُقَالُ فِيمَا عَدَاهُ إِلَى التِّسْعَةِ أَوْ لَا يُقَالُ؟ فِيهِ خِلَافٌ أَصَحُّهَا أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ. وَقَدْ نَصَّ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَلَى ذَلِكَ. وَكَوْنُهُ مَعْدُولًا عَنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعٍ تُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْأَعْدَادُ غَيْرُ الْمَعْدُولَةِ، تَقُولُ جَاءَنِي اثْنَانِ وَثَلَاثَةُ، وَلَا يَجُوزُ مَثْنَى وَثُلَاثُ حَتَّى يَتَقَدَّمَ قَبْلَهُ جَمْعٌ، مِثْلَ جَاءَنِي الْقَوْمُ أُحَادَ وَثُنَاءَ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ. وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ هُنَا وَفِي الْآيَةِ، وَتَكُونُ صِفَةً، وَمِثَالُ كَوْنِ هَذِهِ الْأَعْدَادِ صِفَةً يَتَبَيَّنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ
«٢») [فَهِيَ
«٣»] صِفَةٌ لِلْأَجْنِحَةِ [وَهِيَ
«٤»] نَكِرَةٌ. وقال ساعدة بن جوية:
وَلَكِنَّمَا أَهْلِي بِوَادٍ أَنِيسُهُ | ذِئَابٌ تَبَغَّى النَّاسُ مَثْنَى وَمَوْحَدُ «٥» |
وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:قَتَلْنَا بِهِ مِنْ بَيْنِ مَثْنَى وَمَوْحَدِ | بِأَرْبَعَةٍ مِنْكُمْ وَآخَرَ خَامِسِ «٦» |
فَوَصَفَ ذِئَابًا وَهِيَ نَكِرَةٌ بِمَثْنَى وَمَوْحَدِ، وَكَذَلِكَ بَيْتُ الْفَرَّاءِ، أَيْ قَتَلْنَا بِهِ نَاسًا، فَلَا تَنْصَرِفُ إِذًا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ. وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ صَرْفُهُ فِي الْعَدَدِ عَلَى أَنَّهُ نَكِرَةً. وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ أَنَّهُ إِنْ سَمَّى بِهِ صَرَفَهُ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ، لِأَنَّهُ قد زال عنه العدل.