الْعَاشِرَةُ- ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ الْحِزَامِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ زَوْجِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَشْكُوَهُ، وَهُوَ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَقَالَ لَهَا: نِعْمَ الزَّوْجُ «١» زَوْجُكِ. فَجَعَلَتْ تكرر عليه القول و [هو «٢»] يُكَرِّرُ عَلَيْهَا الْجَوَابَ. فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ الْأَسَدِيُّ: «٣» يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ تَشْكُو زَوْجَهَا فِي مُبَاعَدَتِهِ إِيَّاهَا عَنْ فِرَاشِهِ. فَقَالَ عُمَرُ: كَمَا فَهِمْتَ كَلَامَهَا فَاقْضِ بَيْنَهُمَا. فَقَالَ كَعْبٌ: عَلَيَّ بِزَوْجِهَا، فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ امْرَأَتَكَ هَذِهِ تَشْكُوكَ. قَالَ: أَفِي طَعَامٍ أَمْ شَرَابٍ؟ قَالَ لَا. فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ:
يَا أَيُّهَا الْقَاضِي الْحَكِيمُ رَشَدُهْ | أَلْهَى خَلِيلِي عَنْ فِرَاشِي مَسْجِدُهْ |
زَهَّدَهُ فِي مَضْجَعِي تَعَبُّدُهْ | فَاقْضِ الْقَضَا كَعْبُ وَلَا تُرَدِّدُهْ |
نَهَارُهُ وَلَيْلُهُ مَا يَرْقُدُهْ | فَلَسْتُ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ أَحْمَدُهْ |
زَهَّدَنِي فِي فَرْشِهَا وَفِيَّ الْحَجَلْ «٤» | أَنِّي امْرُؤٌ أَذْهَلَنِي مَا قَدْ نَزَلْ |
فِي سُورَةِ النَّحْلِ وَفِي السَّبْعِ «٥» الطِّوَلْ | وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَخْوِيفٌ جَلَلْ |
إِنَّ لَهَا عَلَيْكَ حَقًّا يَا رَجُلْ | نَصِيبُهَا فِي أَرْبَعٍ لِمَنْ عَقَلْ |
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحَلَّ لَكَ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، فَلَكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ تَعْبُدُ فِيهِنَّ رَبَّكَ. فَقَالَ عُمَرُ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ أَمْرَيْكَ أَعْجَبُ؟ أَمِنْ فَهْمِكَ أَمْرَهُمَا أَمْ مِنْ حُكْمِكَ بَيْنَهُمَا؟ اذْهَبْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ. وَرَوَى أَبُو هدبة إبراهيم
(٢). من ب وط وهـ وز.
(٣). هو كعب بن سوار الأزدي. راجع أسد الغابة.
(٤). الجحل: جمع جحلة بفتحتين، وهى بيت يزين للعروس بالثياب والأسرة والستور.
(٥). السبع الطول من سور القرآن وهى الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ وَالْأَنْعَامُ وَالْأَعْرَافُ واختلفوا في السابعة فمنهم من قال براءة والأنفال عدهما سورة واحدة، ومنهم من جعلها سورة يونس. والطول جمع الطولى. وفى ب وج وز وهـ: النمل بدل النحل.