فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ يَحْسُدُونَ) يَعْنِي الْيَهُودَ. (النَّاسَ) يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا. حَسَدُوهُ عَلَى النُّبُوَّةِ وَأَصْحَابَهُ عَلَى الايمان به. وقال قتادة: (النَّاسَ) الْعَرَبَ، حَسَدَتْهُمُ الْيَهُودُ عَلَى النُّبُوَّةِ. الضَّحَّاكُ: حَسَدَتِ الْيَهُودُ قُرَيْشًا، لِأَنَّ النُّبُوَّةَ فِيهِمْ. وَالْحَسَدُ مَذْمُومٌ وَصَاحِبُهُ مَغْمُومٌ وَهُوَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ، رَوَاهُ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا رَأَيْتُ ظَالِمًا أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنْ حَاسِدٍ، نَفَسٌ دَائِمٌ، وَحُزْنٌ لَازِمٌ، وَعَبْرَةٌ لَا تَنْفَدُ. وَقَالَ عبد الله ابن مَسْعُودٍ: لَا تُعَادُوا نِعَمَ اللَّهِ. قِيلَ لَهُ: وَمَنْ يُعَادِي نِعَمَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: الْحَسُودُ عَدُوُّ نِعْمَتِي مُتَسَخِّطٌ لِقَضَائِي غَيْرُ رَاضٍ بِقِسْمَتِي. وَلِمَنْصُورٍ الْفَقِيهِ:

أَلَا قُلْ لِمَنْ ظَلَّ لِي حَاسِدًا أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسَأْتَ الْأَدَبْ
أَسَأْتَ عَلَى اللَّهِ فِي حُكْمِهِ إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْضَ لِي مَا وَهَبْ
وَيُقَالُ: الْحَسَدُ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فِي السَّمَاءِ، وَأَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ بِهِ فِي الْأَرْضِ، فَأَمَّا فِي السَّمَاءِ فَحَسَدُ إِبْلِيسَ لِآدَمَ، وَأَمَّا فِي الْأَرْضِ فَحَسَدُ قَابِيلَ لِهَابِيلَ. وَلِأَبِي الْعَتَاهِيَةِ فِي النَّاسِ:
فَيَا رَبِّ إِنَّ النَّاسَ لَا يُنْصِفُونَنِي فَكَيْفَ وَلَوْ أَنْصَفْتُهُمْ ظَلَمُونِي
وَإِنْ كَانَ لِي شَيْءٌ تَصَدَّوْا لِأَخْذِهِ وَإِنْ شِئْتُ أَبْغِي شَيْئَهُمْ مَنَعُونِي
وَإِنْ نَالَهُمْ بَذْلِي فَلَا شُكْرَ عِنْدَهُمْ وَإِنْ أَنَا لَمْ أَبْذُلْ لَهُمْ شَتَمُونِي
وَإِنْ طَرَقَتْنِي نَكْبَةٌ فَكِهُوا بِهَا وَإِنْ صَحِبَتْنِي نِعْمَةٌ حَسَدُونِي
سَأَمْنَعُ قَلْبِي أَنْ يَحِنَّ إِلَيْهِمُو وَأَحْجُبُ عَنْهُمْ نَاظِرِي وَجُفُونِي
وَقِيلَ: إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَسْلَمَ مِنَ الْحَاسِدِ فَغَمِّ عَلَيْهِ أَمْرَكَ. وَلِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
حَسَدُوا النِّعْمَةَ لَمَّا ظَهَرَتْ فَرَمَوْهَا بِأَبَاطِيلَ الْكَلِمْ
وَإِذَا مَا اللَّهُ أَسْدَى نِعْمَةً لَمْ يَضِرْهَا قَوْلُ أَعْدَاءِ النِّعَمِ