(مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) إِلَّا أَنْ يَتُوبَ. وَقِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ (وَلا يَجِدْ لَهُ) بِالْجَزْمِ عَطْفًا عَلَى (يُجْزَ بِهِ). وَرَوَى ابْنُ بَكَّارٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ (وَلَا يَجِدْ) بِالرَّفْعِ اسْتِئْنَافًا. فَإِنْ حُمِلَتِ الْآيَةُ عَلَى الْكَافِرِ فَلَيْسَ لَهُ غَدًا وَلِيٌّ وَلَا نَصِيرٌ. وَإِنْ حُمِلَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِ فَلَيْسَ [لَهُ «١»] وَلِيٌّ وَلَا نَصِيرٌ دُونَ الله.
[سورة النساء (٤): آية ١٢٤]
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (١٢٤)
شَرَطَ الْإِيمَانَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَدْلَوْا بِخِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وَإِطْعَامِ الْحَجِيجِ وَقَرْيِ الْأَضْيَافِ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ بِسَبْقِهِمْ، وَقَوْلِهِمْ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الْحَسَنَةَ لَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ إِيمَانٍ. وَقَرَأَ (يُدْخَلُونَ الْجَنَّةَ) الشَّيْخَانِ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ (بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ) عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. الْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْخَاءِ، يَعْنِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِأَعْمَالِهِمْ. وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ النَّقِيرِ وَهِيَ النُّكْتَةُ في ظهر النواة.
[سورة النساء (٤): آية ١٢٥]
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (١٢٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) فَضَّلَ دِينَ الْإِسْلَامِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ وَ (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) مَعْنَاهُ أَخْلَصَ دِينَهُ لِلَّهِ وَخَضَعَ لَهُ وَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِالْعِبَادَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَانْتَصَبَ (دِيناً) عَلَى الْبَيَانِ. (وَهُوَ مُحْسِنٌ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ مُوَحِّدٌ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَهْلُ الْكِتَابِ، لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الْإِيمَانَ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالْمِلَّةُ الدِّينُ، وَالْحَنِيفُ الْمُسْلِمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ «٢».

(١). من ج وط وز.
(٢). راجع ج ٢ ص ١٣٩


الصفحة التالية
Icon