الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ- وَأَمَّا الْجَدَّةُ فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أُمٌّ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأُمَّ تَحْجُبُ أُمَّهَا وَأُمَّ الْأَبِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُ أُمَّ الْأُمِّ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَوْرِيثِ الْجَدَّةِ وَابْنُهَا حَيٌّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَرِثُ الْجَدَّةُ وَابْنُهَا حَيٌّ. رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَرِثُ الْجَدَّةُ مَعَ ابْنِهَا. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَالَ بِهِ شُرَيْحٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَشَرِيكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ: كَمَا أَنَّ الْجَدَّ لَا يَحْجُبُهُ إِلَّا الْأَبُ كَذَلِكَ الْجَدَّةُ لَا يَحْجُبُهَا إِلَّا الْأُمُّ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فِي الْجَدَّةِ مَعَ ابْنِهَا: إِنَّهَا أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُدُسًا «١» مَعَ ابْنِهَا وَابْنُهَا حَيٌّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسَةُ عَشْرَةَ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْرِيثِ الْجَدَّاتِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَرِثُ إِلَّا جَدَّتَانِ، أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ وَأُمَّهَاتُهُمَا. وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ. فَإِنِ انْفَرَدَتْ إِحْدَاهُمَا فَالسُّدُسُ لَهَا، وَإِنِ اجْتَمَعَتَا وَقَرَابَتُهُمَا سَوَاءٌ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ إِنْ كَثُرْنَ إِذَا تَسَاوَيْنَ فِي الْقُعْدُدِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَرُبَتِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَانَ لَهَا السُّدُسُ دُونَ غَيْرِهَا، وَإِنْ قَرُبَتِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَإِنْ بَعُدَتْ. وَلَا تَرِثُ إِلَّا جَدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ. وَلَا تَرِثُ الْجَدَّةُ أُمَّ أَبِ الْأُمِّ عَلَى حَالٍ. هَذَا مَذْهَبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَهُوَ أَثْبَتُ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ، فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَالسُّدُسُ لِأَقْرَبِهِنَّ، كَمَا أن الآباء إذا اجتمعوا كان أحقهم بالميراث أقربهم و، فَكَذَلِكَ الْبَنُونَ وَالْإِخْوَةُ، وَبَنُو الْإِخْوَةِ وَبَنُو الْعَمِّ إِذَا اجْتَمَعُوا كَانَ أَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبَهُمْ، فَكَذَلِكَ الْأُمَّهَاتُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهَذَا أَصَحُّ، وَبِهِ أَقُولُ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يُوَرِّثُ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ: وَاحِدَةٌ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَاثْنَتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ. وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا. وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَكْسُ هَذَا، أَنَّهُ كَانَ يُوَرِّثُ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ: ثِنْتَيْنِ مِنْ جهة الام

(١). في ب وى: سدسها.


الصفحة التالية
Icon