الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ- وَيَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ بَلَدِنَا فِي ذَلِكَ وَقْتٌ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: (نَعَمْ) قَالَ: يَوْمًا؟ قَالَ: (يَوْمًا) قَالَ: وَيَوْمَيْنِ؟ قَالَ: (وَيَوْمَيْنِ) قَالَ: وَثَلَاثَةَ] أيام [؟ «١» قال: (نعم وما شئت) في رِوَايَةٍ (نَعَمْ وَمَا بَدَا لَكَ). قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالنُّعْمَانُ وَالطَّبَرِيُّ: يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى حَدِيثِ شُرَيْحٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ، وَرُوِيَ عن مالك في رسالته إلى هرون أَوْ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ، وَأَنْكَرَهَا «٢» أَصْحَابُهُ. الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ- وَالْمَسْحُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لِمَنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى وضوء، لحديث المغيرة ابن شُعْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَسِيرٍ- الْحَدِيثَ- وَفِيهِ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: (دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ) وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. وَرَأَى أَصْبَغُ أَنَّ هَذِهِ طَهَارَةُ التَّيَمُّمِ، وَهَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ. وَشَذَّ دَاوُدُ فقال: المراد بالطهارة ها هنا هِيَ الطَّهَارَةُ مِنَ النَّجَسِ فَقَطْ، فَإِذَا كَانَتْ رِجْلَاهُ طَاهِرَتَيْنِ مِنَ النَّجَاسَةِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ الِاشْتِرَاكُ فِي اسْمِ الطَّهَارَةِ. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ- وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَرْقٌ يَسِيرٌ: قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ الْخَرْقُ لَا يَمْنَعُ مِنِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَمِنْ لُبْسِهِ، وَيَكُونُ مِثْلُهُ يُمْشَى فِيهِ. وَبِمِثْلِ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا قَالَ اللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَالطَّبَرِيِّ إِجَازَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْمُخَرَّقِ جُمْلَةً. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ وَعَلَى مَا ظَهَرَ مِنَ الْقَدَمِ، وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا كَانَ مَا ظَهَرَ مِنَ الرِّجْلِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ أصابع مسح، ولا يمسح ذا ظَهَرَ ثَلَاثٌ، وَهَذَا تَحْدِيدٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَوْقِيفٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَخْفَافَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وغيرهم من التابعين كانت
(٢). في ج وز وك: أنكره.