وَتَرْجَمَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ (مَنْ قَالَ كَفَّارَتُهَا تَرْكُهَا) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] مَنْ حَلَفَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ فِيمَا لا يصلح فَبِرُّهُ أَلَّا يُتِمَّ عَلَى ذَلِكَ [«١» وَأَسْنَدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:] مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَتْرُكْهَا فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا [. قُلْتُ: وَيَعْتَضِدُ هَذَا بِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ حَلَفَ أَلَّا يَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَحَلَفَتِ امْرَأَتُهُ أَلَّا تَطْعَمَهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، وَحَلَفَ الضَّيْفُ- أَوِ الْأَضْيَافُ- أَلَّا يَطْعَمَهُ أَوْ لَا يَطْعَمُوهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، فَدَعَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَزَادَ مُسْلِمٌ قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَرُّوا وَحَنِثْتُ، قَالَ: فَأَخْبَرَهُ، قَالَ:] بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَخْيَرُهُمْ [قَالَ: وَلَمْ تَبْلُغْنِي كَفَّارَةٌ. السَّادِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ- وَاخْتَلَفُوا فِي كَفَّارَةِ غَيْرِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ أَخْرَجَ ثُلُثَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وقال الشعبي وعطاء وطاوس: لا شي عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْيَمِينُ بِالْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَتُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْقَاسِمُ بن محمد: لا شي عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا يُوجِبُونَ فِي الْيَمِينِ بِالْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ كَفَّارَةً مِثْلَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَجُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ أَفْتَى بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنَهُ عَبْدَ الصَّمَدِ، وَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَالْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عِنْدَهُ فِي الْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ إِلَّا بِالْمَشْيِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَأَمَّا الْحَالِفُ بِالْعِتْقِ فَعَلَيْهِ عِتْقُ مَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ فِي قول مالك والشافعي وغيرهما. وروي