لَعَنَهُ اللَّهُ-: مَنْ يَقُومُ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَيُفْسِدُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ. فَقَامَ ابْنُ الزِّبَعْرَى فَأَخَذَ فَرْثًا وَدَمًا فَلَطَّخَ بِهِ وَجْهَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْفَتَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ أَتَى أَبَا طَالِبٍ عَمَّهُ فَقَالَ: (يَا عَمِّ أَلَا تَرَى إِلَى مَا فُعِلَ بِي) فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى، فَقَامَ أَبُو طَالِبٍ وَوَضَعَ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَمَشَى مَعَهُ حَتَّى أَتَى الْقَوْمَ، فَلَمَّا رَأَوْا أَبَا طَالِبٍ قَدْ أَقْبَلَ جَعَلَ الْقَوْمُ يَنْهَضُونَ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَاللَّهِ لَئِنْ قَامَ رَجُلٌ جَلَّلْتُهُ بِسَيْفِي فَقَعَدُوا حَتَّى دَنَا إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ مَنِ الْفَاعِلُ بِكَ هَذَا؟ فَقَالَ: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى)، فَأَخَذَ أَبُو طَالِبٍ فَرْثًا وَدَمًا فَلَطَّخَ بِهِ وُجُوهَهُمْ وَلِحَاهُمْ وَثِيَابَهُمْ وَأَسَاءَ لَهُمُ الْقَوْلَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ" (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا عَمِّ نَزَلَتْ فِيكَ آيَةٌ) قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: (تَمْنَعُ قُرَيْشًا أَنْ تُؤْذِيَنِي وَتَأْبَى أَنْ تُؤْمِنَ بِي) فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ | حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا |
فَاصْدَعْ بِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ | وَأَبْشِرْ بِذَاكَ وَقَرَّ مِنْكَ عُيُونَا |
وَدَعَوْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّكَ نَاصِحِي | فَلَقَدْ صَدَقْتَ وَكُنْتَ قَبْلُ أَمِينَا |
وَعَرَضْتَ دِينًا قَدْ عَرَفْتَ بِأَنَّهُ | مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيَّةِ دِينَا |
لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حِذَارُ مَسَبَّةٍ | لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ يَقِينَا «١» |
(٢). من ج وك وع وز وهـ. [..... ]
(٣). راجع ج ١٦ ص ٢٢٠.
(٤). راجع ج ١٣ ص ٢٩٩.