الْإِيمَانَ مَصْدَرُ آمَنَ يُؤْمِنُ إِيمَانًا، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ مُؤْمِنٌ، وَالْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ لَا يَكُونُ إِلَّا كَلَامًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِي تعالى كلاما «١».
[سورة المائدة (٥): آية ٦]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)
فيه اثنتان وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى- ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ حِينَ فَقَدَتِ الْعِقْدَ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَهِيَ آيَةُ الْوُضُوءِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَكِنْ مِنْ حَيْثُ كَانَ الْوُضُوءُ مُتَقَرِّرًا عِنْدَهُمْ مُسْتَعْمَلًا، فَكَانَ الْآيَةُ لَمْ تَزِدْهُمْ فِيهِ إِلَّا تِلَاوَتُهُ، وَإِنَّمَا أَعْطَتْهُمُ الْفَائِدَةُ وَالرُّخْصَةُ فِي التَّيَمُّمِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي آيَةِ" النِّسَاءِ" «٢» خِلَافَ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَضْمُونُ هَذِهِ الْآيَةِ دَاخِلٌ فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَأَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَفِيمَا ذُكِرَ مِنْ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الرُّخْصَةَ مِنْ إِتْمَامِ النِّعَمِ. الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ:" إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ" عَلَى أَقْوَالٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هَذَا لَفْظٌ عَامٌّ فِي كُلِّ قِيَامٍ إِلَى الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَائِمُ مُتَطَهِّرًا أَوْ مُحْدِثًا، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَفْعَلُهُ وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ، ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ «٣» فِي مُسْنَدِهِ. وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ الْخُلَفَاءُ يَتَوَضَّئُونَ لِكُلِّ صلاة.
(٢). راجع ج ٥ ص ٢١٤.
(٣). الدارمي (بكسر الراء): نسبه إلى دارم، بطن من تميم.