كَعْبٌ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرَفِ وَالْمَجْدِ تَشْبِيهًا، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «١». (وَاللَّهِ لَا يَزَالُ كَعْبُكَ عَالِيًا). وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ (وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) قَالَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْصِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَرُكْبَتَهِ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهِ بِكَعْبِهِ. وَالْعَقِبُ هُوَ مُؤَخَّرُ الرِّجْلِ تَحْتَ الْعُرْقُوبِ، وَالْعُرْقُوبُ هُوَ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ (وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ) يَعْنِي إِذَا لَمْ تُغْسَلْ، كَمَا قَالَ: (وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ). الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغُسْلِ، وَلَا خَيْرَ فِي الْجَفَاءِ وَالْغُلُوِّ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: مَنْ لم يخلل أصابع رجليه فلا شي عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَوَضَّأَ عَلَى نَهَرٍ فَحَرَّكَ رِجْلَيْهِ: إِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَغْسِلَهُمَا بِيَدَيْهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَسْلِ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى أَجْزَأَهُ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ فِيهِمَا إِلَّا غَسْلُ مَا بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ الرِّجْلِ إِذْ ذَلِكَ مِنَ الرِّجْلِ، كَمَا أَنَّ مَا بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدِ مِنَ الْيَدِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِانْفِرَاجِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَانْضِمَامِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مَأْمُورٌ بِغَسْلِ الرِّجْلِ جَمِيعِهَا كَمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِغَسْلِ الْيَدِ جَمِيعِهِا. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ يَدْلُكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ، مَعَ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ. وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ يَدْلُكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ أَوْ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ لِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ بِهِ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ «٢» عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَيُخَلِّلُ بِخِنْصَرِهِ مَا بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، فَقَالَ لِي مَالِكٌ: إِنَّ هَذَا لَحَسَنٌ، وَمَا سَمِعْتُهُ قَطُّ إِلَّا السَّاعَةَ، قال ابن وهب: وسمعته سئل

(١). هو حديث (قيلة) بنت مخرمة العنبرية، هاجرت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع حريث بن حسان تريد الصحبة. راجع (الإصابة في تمييز الصحابة.
(٢). بضم المهملة والموحدة.


الصفحة التالية
Icon