إِلَّا أَفَائِلَ أُعْطِيتُهَا | عَدِيدَ قَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ «١» |
وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ | يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ |
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا | وَمَنْ تَضَعُ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعِ |
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اذْهَبُوا فَاقْطَعُوا عَنِّي لِسَانَهُ) فَأَعْطَوْهُ
«٢» حَتَّى رَضِيَ، فَكَانَ ذَلِكَ قَطْعَ لِسَانِهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمِ النُّضَيْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ ابن كِلْدَةَ، أَخُو النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَقْتُولِ بِبَدْرٍ صَبْرًا. وَذَكَرَ آخَرُونَ أَنَّهُ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ، الْحَبَشَةِ فَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ مِمَّنْ رَسَخَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ وَقَاتَلَ دُونَهُ، وَلَيْسَ مِمَّنْ يُؤَلَّفُ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكَ بْنَ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ [بْنِ يَرْبُوعٍ
«٣»] النَّصْرِيَّ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قَبَائِلِ قَيْسٍ، وأمره بمغاورة ثَقِيفٍ فَفَعَلَ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، حَاشَا عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ فَلَمْ يَزَلْ مَغْمُوزًا
«٤» عَلَيْهِ. وَسَائِرُ الْمُؤَلَّفَةِ مُتَفَاضِلُونَ، مِنْهُمُ الْخَيِّرُ الْفَاضِلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَى فَضْلِهِ، كَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَمِنْهُمْ دُونُ هَؤُلَاءِ. وَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ وَسَائِرَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ. قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْرَجَ مَا كَانَ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبَهُمْ فَتَصَدَّقَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. قُلْتُ: حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى عَاشَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً سِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ وَسِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَسَمِعْتُ [الْإِمَامَ
«٥»] شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْعَظِيمِ يَقُولُ: شَخْصَانِ مِنَ الصَّحَابَةِ عَاشَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ سِتِّينَ سَنَةً وَفِي الْإِسْلَامِ سِتِّينَ سَنَةً، وَمَاتَا بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، أَحَدُهُمَا حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ عَامِ الْفِيلِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَالثَّانِي حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ. وَذَكَرَ هَذَا أَيْضًا أَبُو عُمَرَ وَعُثْمَانُ الشَّهْرُزُورِيُّ فِي كِتَابِ مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ عِلْمِ الْحَدِيثِ لَهُ، وَلَمْ يَذْكُرَا غَيْرَهُمَا. وَحُوَيْطِبُ ذَكَرَهُ