فأمضي (. وقال أبو قتادة: فأعطاني الدرع فابتعث بِهِ مَخْرَفًا «١» فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ «٢» فِي الْإِسْلَامِ. فَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ كُلِّهِ فَذَلِكَ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ مَالِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَيَكُونُ عَلَى مَا نَوَاهُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى أَمْوَالِ الزَّكَاةِ. وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ وَاللِّسَانُ شَاهِدٌ بِأَنَّ مَا تُمُلِّكَ يُسَمَّى مَالًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً" مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِشَرْطٍ فِي الْمَأْخُوذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَلَا تَبْيِينِ مِقْدَارِ الْمَأْخُوذِ وَلَا الْمَأْخُوذِ مِنْهُ. وَإِنَّمَا بَيَانُ ذَلِكَ فِي السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. حَسْبَ مَا نَذْكُرُهُ فَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ جَمِيعِ الْأَمْوَالِ. وَقَدْ أَوْجَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فِي الْمَوَاشِي وَالْحُبُوبِ وَالْعَيْنِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ كَالْخَيْلِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ. وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْخَيْلِ «٣» وَالْعَسَلِ «٤» فِي [النَّحْلِ] إِنْ شَاءَ اللَّهُ. رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ). وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي [الْأَنْعَامِ «٥»] فِي زَكَاةِ الْحُبُوبِ وَمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مُسْتَوْفًى. وَفِي الْمَعَادِنِ فِي [الْبَقَرَةِ «٦»] وَفِي الْحُلِيِّ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأُوقِيَّةَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، فَإِذَا مَلَكَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ فِضَّةٍ مَضْرُوبَةٍ- وَهِيَ الْخَمْسُ أَوَاقٍ الْمَنْصُوصَةُ فِي الْحَدِيثِ- حَوْلًا كَامِلًا فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَدَقَتُهَا، وَذَلِكَ رُبْعُ عُشْرِهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ. وَإِنَّمَا اشْتُرِطَ الْحَوْلُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنَ الْوَرِقِ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ شي مِنْهُ رُبْعُ عُشْرِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ. وَقَالَتْ طائفة: لا شي فِيمَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى تَبْلُغَ الزيادة أربعين درهما، فإذا بلغتها
(٢). تأثل مالا: اكتسبه واتخذه وثمره.
(٣). راجع ج ١٠ ص ٧٣ - وص ١٣٥ فما بعد.
(٤). راجع ج ١٠ ص ٧٣ - وص ١٣٥ فما بعد.
(٥). راجع ج ٧ ص ٩٨ وما بعدها.
(٦). راجع ج ٣ ص ٣٢١ وما بعدها.