كَالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ عَلَى قَوْلَيْنِ: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَالصِّحَّةُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ أَصَحُّ، لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْفَرَسِ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَقِّ خَالِدٍ: (وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا فَإِنَّهُ قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ «١» فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الْحَدِيثَ. وَمَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ بَعِيرًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَرَادَ زَوْجُهَا الْحَجَّ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (ادْفَعِيهِ إِلَيْهِ لِيَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ). وَلِأَنَّهُ مَالٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي وَجْهِ قُرْبَةٍ، فَجَازَ أَنْ يُوقَفَ كَالرُّبَاعِ. وَقَدْ ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَسْمِيَةَ خَيْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَآلَةَ حَرْبِهِ. مَنْ أَرَادَهَا وَجَدَهَا فِي كِتَابِ الْأَعْلَامِ «٢». الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) يعني تخيفون به [عدو الله و «٣»] عدوكم مِنَ الْيَهُودِ وَقُرَيْشٍ وَكُفَّارِ الْعَرَبِ. (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) يَعْنِي فَارِسَ وَالرُّومَ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقِيلَ: الْجِنُّ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا تُعْرَفُ عَدَاوَتُهُ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: قيل لهم قُرَيْظَةُ. وَقِيلَ: هُمْ مِنَ الْجِنِّ. وَقِيلَ غَيْرُ ذلك. ولا ينبغي أن يقال فيهم شي، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ:" وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ"، فَكَيْفَ يَدَّعِي أَحَدٌ عِلْمًا بِهِمْ، إِلَّا أَنْ يَصِحَّ حَدِيثٌ جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: (هُمُ الْجِنُّ). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَخْبِلُ أَحَدًا فِي دَارٍ فِيهَا فَرَسٌ عَتِيقٌ) وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَتِيقًا لِأَنَّهُ قَدْ تَخَلَّصَ مِنَ الْهَجَّانَةِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَسْنَدَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ ابْنِ الْمُلَيْكِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرُوِيَ: أَنَّ الْجِنَّ لَا تَقْرَبُ دَارًا فِيهَا فَرَسٌ، وَأَنَّهَا تَنْفِرُ مِنْ صَهِيلِ الْخَيْلِ. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) أَيْ تَتَصَدَّقُوا. وَقِيلَ: تُنْفِقُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوْ خَيْلِكُمْ. (فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) فِي الْآخِرَةِ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ [ضِعْفٍ «٤»]، إِلَى أضعاف كثيرة. (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ).
(٢). هو كتاب التعريف والاعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء الاعلام. وهو كتاب مخطوط محفوظ بدار الكتب تحت رقم ٢٣٢ و٤٣٩ تفسير.
(٣). من ج، هـ، ز، ك.
(٤). من ج، هـ، ز.