وَالِاسْتِبَاقُ طَلَبُ السَّبْقِ إِلَى الشَّيْءِ، وَمِنْهُ السِّبَاقُ. وَالْقَدُّ الْقَطْعُ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ طُولًا، قَالَ النَّابِغَةُ «١»:
تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ الْمُضَاعَفَ نَسْجُهُ | وَتُوقِدُ بِالصِّفَاحِ نَارَ الْحُبَاحِبِ |
وَالْقَطُّ بِالطَّاءِ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ عَرْضًا. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ حَرْبٍ: قَرَأْتُ فِي مُصْحَفٍ" فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ عُطَّ من دبر" أَيْ شُقَّ. قَالَ يَعْقُوبُ: الْعَطُّ الشَّقُّ فِي الْجِلْدِ الصَّحِيحِ وَالثَّوْبِ الصَّحِيحِ. وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنَ" اسْتَبَقَا" فِي اللَّفْظِ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا، كَمَا يُقَالُ: جَاءَنِي عَبْدَ اللَّهِ فِي التَّثْنِيَةِ، ومن العرب من يقول: جاءني عبد اللَّهِ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ بِغَيْرِ هَمْزٍ، يُجْمَعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ، لِأَنَّ الثَّانِيَ مُدْغَمٌ، وَالْأَوَّلَ حَرْفُ مَدٍّ ولين. ومنهم من يقول: عبد اللَّهِ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَالْهَمْزِ، كَمَا تَقُولُ فِي الْوَقْفِ. الثَّانِيَةُ- فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ، وَالْعَمَلِ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، لِمَا ذُكِرَ مِنْ قَدِّ الْقَمِيصِ مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا، وَهَذَا أَمْرٌ انْفَرَدَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ فِي كُتُبِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَمِيصَ إِذَا جُبِذَ مِنْ خَلْفٍ تَمَزَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَإِذَا جُبِذَ مِنْ قُدَّامَ تَمَزَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَهَذَا هُوَ
«٢» الْأَغْلَبُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) أَيْ وَجَدَا الْعَزِيزَ عِنْدَ الْبَابِ، وَعُنِيَ بِالسَّيِّدِ الزَّوْجُ، وَالْقِبْطُ يُسَمُّونَ الزوج سيدا. يقال: ألفاه وصادفه وأرطة وَوَالَطَهُ وَلَاطَهُ كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ
«٣»، فَلَمَّا رَأَتْ زَوْجَهَا طَلَبَتْ وَجْهًا لِلْحِيلَةِ وَكَادَتْ
«٤» فَ (قالَتْ مَا جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً) أَيْ زِنًى. (إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) تَقُولُ: يُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا. وَ" مَا جَزاءُ" ابْتِدَاءٌ، وَخَبَرُهُ" أَنْ يُسْجَنَ"." أَوْ عَذابٌ" عَطْفٌ عَلَى مَوْضِعِ" أَنْ يُسْجَنَ" لِأَنَّ الْمَعْنَى: إِلَّا السِّجْنُ. وَيَجُوزُ أَوْ عَذَابًا أَلِيمًا بِمَعْنَى: أَوْ يعذب عذابا أليما، قاله الكسائي.