أَيْ لَمْ يُجِيبُوا إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ. (لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) أَيْ مِنَ الْأَمْوَالِ. (وَمِثْلَهُ مَعَهُ) مِلْكٌ لَهُمْ. (لَافْتَدَوْا بِهِ) مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، نَظِيرُهُ فِي" آلِ عِمْرَانَ"" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً" «١» [آل عمران: ١٠]،" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ" [آل عمران: ٩١] حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ هُنَاكَ. (أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ) أَيْ لَا يُقْبَلُ لَهُمْ حَسَنَةٌ، وَلَا يُتَجَاوَزُ لَهُمْ عَنْ سَيِّئَةٍ. وَقَالَ فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ «٢» قَالَ [لِي] «٣» إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: يَا فَرْقَدُ! أَتَدْرِي مَا سُوءُ الْحِسَابِ؟ قُلْتُ لَا! قَالَ أَنْ يُحَاسَبَ الرَّجُلُ بِذَنْبِهِ كُلِّهِ لَا يُفْقَدُ منه شي. (وَمَأْواهُمْ) أي مسكنهم ومقامهم. (جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) أَيِ الْفِرَاشُ الَّذِي مَهَّدُوا لِأَنْفُسِهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى) هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَرُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ. وَالْمُرَادُ بِالْعَمَى عَمَى الْقَلْبِ، وَالْجَاهِلُ بِالدِّينِ أَعْمَى الْقَلْبِ. (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ).
[سورة الرعد (١٣): آية ٢٠]
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ) هَذَا مِنْ صِفَةِ ذَوِي الْأَلْبَابِ، أَيْ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الْمُوفُونَ بِعَهْدِ الله. والعهد اسم الجنس، أَيْ بِجَمِيعِ عُهُودِ اللَّهِ، وَهِيَ أَوَامِرُهُ وَنَوَاهِيهِ الَّتِي وَصَّى بِهَا عَبِيدَهُ، وَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْتِزَامُ جَمِيعِ الْفُرُوضِ، وَتَجَنُّبُ جَمِيعِ الْمَعَاصِي. وَقَوْلُهُ: (وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ جِنْسَ الْمَوَاثِيقِ، أَيْ إِذَا عَقَدُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَهْدًا لَمْ يَنْقُضُوهُ. قَالَ قَتَادَةُ: تَقَدَّمَ اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ فِي نَقْضِ الْمِيثَاقِ وَنَهَى عَنْهُ فِي بِضْعٍ وَعِشْرِينَ آيَةً، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشِيرَ إِلَى مِيثَاقٍ بِعَيْنِهِ، هُوَ الَّذِي أخذه
(٢). السبخي: (بفتحتين) نسبة إلى السبخة موضع بالبصرة.
(٣). من ى.