تُحْذَفُ الضَّمَّةُ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ حَمْزَةَ فَقَدِ احْتَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ لِحَذْفِ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ بِحُجَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا- أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ رَآهُ فِي الْإِمَامِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ إِنَّهُ مُصْحَفُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِغَيْرِ يَاءٍ. وَالْحُجَّةُ الْأُخْرَى- أَنَّهُ حَكَى أَنَّهَا لُغَةُ هُذَيْلٍ، تَقُولُ: مَا أَدْرِ، قَالَ النَّحَّاسُ: أَمَّا حُجَّتُهُ بِمُصْحَفِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فشى يَرُدُّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: سَأَلْتُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقِيلَ لِي ذَهَبَ، وَأَمَّا حُجَّتُهُ بِقَوْلِهِمْ:" مَا أَدْرِ" فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ هَذَا الْحَذْفَ قَدْ حَكَاهُ النَّحْوِيُّونَ الْقُدَمَاءُ، وَذَكَرُوا عِلَّتَهُ، وَأَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ فِي حَذْفِ الْيَاءِ:
كَفَّاكَ كَفٌّ مَا تُلِيقُ دِرْهَمًا | جُودًا وَأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّمَا |
[المرسلات: ٣٦]. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ ذِكْرِ الْقِيَامَةِ:" وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ" «٢» [الصافات: ٢٧]. وَقَالَ:" يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها" «٣» [النحل: ١١١]. وقال:" وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ" «٤» [الصافات: ٢٤]. وقال:" فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ" «٥» [الرحمن: ٣٩]. وَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ بِحُجَّةٍ تَجِبُ لَهُمْ وَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ بِالْإِقْرَارِ بِذُنُوبِهِمْ، وَلَوْمِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَطَرْحِ بَعْضِهِمُ الذُّنُوبَ عَلَى بَعْضٍ، فَأَمَّا التَّكَلُّمُ وَالنُّطْقُ بِحُجَّةٍ لَهُمْ فَلَا، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ لِلَّذِي يُخَاطِبُكَ كَثِيرًا، وَخِطَابُهُ فَارِغٌ عن
(٢). راجع ج ١٥ ص ٧٣ فما بعد، في الأصول" يَتَلاوَمُونَ" وليست في المعنى المراد هنا. [..... ]
(٣). راجع ج ١٠ ص ١٩٣.
(٤). راجع ج ١٥ ص ٧٣ فما بعد، في الأصول" يَتَلاوَمُونَ" وليست في المعنى المراد هنا.
(٥). راجع ج ١٧ ص ١٧٣.