﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين﴾ [القصص: ٥]، فإن كان " جعل " بمعنى " خلق " فلم يكن القوم إذاً موجودين. وقد أخبر عنهم أنهم استضعفوا في الأرض، وقال: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً﴾ [البقرة: ١٢٤]، فيجب على قولهم أن يكون إبراهيم غير مخلوق في ذلك الوقت وقال: ﴿وَيَجْعَلَ الخبيث بَعْضَهُ على بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ﴾ [الأنفال: ٣٧] فواجب - على قولهم - أن يكون قد ميز الخبيث من الطيب وهو غير موجود، وقال: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات﴾ [النحل: ٥٧] حكاية عن الكفار، (وتراهم) أيها الجهلة القدرية خلقوهم (هم)، إنما سموهم، ويلزمهم أن يكون القرآن خلق مرتين لقوله: ﴿الذين جَعَلُواْ القرآن عِضِينَ﴾ [الحجر: ٩١]، وقوله: ﴿جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ [الزخرف: ٣]، وهذا أكثر من أن يحصى. والجعل يكون بمعنى التعبير والوصف والتسمية، وقد يكون بمعنى الخلق بدلالةٍ تدل عليه، نحو قوله: ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [الأعراف: ١٨٩] أي: وخلق، لكن إذا كانت " جعل " بمعنى " خلق " لم تتعد إلا على مفعول واحد.