والتقدير: من قال لك ألا تسجد إذ أمرتك بالسجود: ودخلت " أن " كما تدخل في كلام هو بمعنى القول، ولفظه مخالف للفظ القول كقولهم/ " ناديت أن لا تقم "، و " حلفت ألا تجلس " فلما كان المنع بمعنى القول، وليس من لفظه دخلت " أن ".
وقيل: إن المنع لما كان معناه الحول بين المرء وبين ما يريده، فالممنوع مضطر إلى خلاف ما منع منه، فلما كان معنى المنع هذا، كان تقدير الكلام: ما اضطرك إلى أن لا تسجد.
وقوله: ﴿قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾.
هذا خبر من الله ( تعالى) عما قال إبليس، إذ قال له الله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ﴾، فقال إبليس: أنا أفضل منه؛ لأني من نار، وهو من طين، ففضل عليه كفضل النار على الطين. فجهل عدو الله الحق، وأخطأ طريق النظر، إذ كان معلوماً أن من جوهر النار الخفة والطيش والاضطراب، والارتفاع والذي في جوهرها من ذلك هو الذي حمل الملعون بعد الشقاء الذي سبق له من الله ( تعالى) على الاستكبار. وكان معلوماً أن


الصفحة التالية
Icon