ثم قال تعالى: ﴿كذلك قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾.
الكاف في موضع رفع. والمعنى، قال: الأمر كذلك، أي: الأمر كما قيل لك. أي: أهب لك غلاماً اسمه يحيى، هو عليّ هين. أي: خلقه عليّ هين. ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾ أي: ليس خلقنا لغلام نهبه لك بأعجب من خلقنا إياك ولم تك شيئاً موجوداً. هو نفي للعين عام. ولو قال: " ولم تك رجلاً أو إنساناً " لم يكن ذلك نفيا للعين ولا نفياً عاماً. فافهمه.
قوله تعالى ذكره: ﴿قَالَ رَبِّ اجعل لي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ الناس﴾. إلى قوله: ﴿وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً﴾.
أي: اجعل لي علامة على وقت الهبة، ودليلاً على أن ما بشرتني به ملائكتك من هذا الغلام عن أمرك ورسالتك، ومتى يكون.
قال ابن زيد: " اجعل لي آية أن هذا منك "، وكذا قال السدي.
﴿قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ الناس ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً﴾.
أي: علامة ذلك وصحته أنك لا تكلم الناس ثلاث ليال، بلا علة بك من خرس ولا مرض يمنعك الكلام.