وقال الحسن البصري: مكث في ذلك البلاء تسع سنين وستة أشهر ملقى على رماد في جانب القرية، فلما اشتد بلاؤه وعظمت مصيبته أراد الله تعالى أن يفرج عنه، فقيل له: يا أيوب، اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فيه شفاؤك وقد وهبت لك أهلك ومثلهم معهم وولدك ومثلهم معهم، وعمرك ومثله معه، لتكون لمن خلفك آية وتكون عبرة لأهل البلاء، وعزاء للصابرين. فركض برجله، وانفرجت له عين فدخل فيها فاغتسل. فأذهب الله عنه كل ما كان به من البلاء، ثم خرج وجلس، وأقبلت امرأته تلتمسه في مضعجعه، فلم تجده، وقامت كالواهلة ملتدمة، ثم قالت: يا عبد الله، هل لك علم بالرجل المبتلى الذي كان ها هنا؟ قال: لا، ثم تبسم فعرفته واعتنقته.
قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده، ما فارقته من عناقه حتى موجهاً كل مال لهما وولد.
ويروى أن الله جل ذركه رد عليه أهله ومثلهم معهم، وأمطر عليهم فراشاً من ذهب، فجمع حتى ملأ كل ما أراد، وأقبل يشحن في ثيابه فأوحى الله إليه، أما يكفيك ما جمعت حتى تشحن في قميصك؟ فقال أيوب: وما يشبع من خيرك؟
ويروى أن إبليس اللعين تمثل لامرأة أيوب ﷺ في هيئة شريفية ومركب له هيبة، وقال [لها]:
أنت صاحبة أيوب المبتلى؟ فقالت: نعم. قال: هل تعرفينني؟ قالت: لا. فقال: أنا إله الأرض، وأنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت لأنه عبد إله السماء وتركني.


الصفحة التالية
Icon