وعن مجاهد وعطاء: أن المعنى: أن أهل مكة والغريب بها، هما في حرمة الإسلام سواء، لا يمنع أحد من دخوله من المؤمنين، ولا يُضر أحد منه. وهذا القول يؤيده صدر الآية، لأنه تعالى إنما ذكر [صد] الكافرين المؤمنين عن المسجد الحرام ومنعهم منه. ثم أعلمنا آخر الآية أن أهله والغريب في حرمته سواء، لا يُمنع أحد منهم.
ومن قرأ " سواءُ " بالرفع، جعله مبتدأ. والعاطف فيه خبره. وإن شئت جعلت العطاف مبتدأ وسواء خبر مقدم. فتقف على " الناس "، على تقدير الوجهين. ويكون: " للناس "، في موضع المفعول الثاني، تقف على " الناس ". من قرأ بالنصب، جعله مفعولاً ثانياً بـ " جعلنا " ويرتفع العاكف. والأحسن عند سيبويه في مثل هذا: الرفع، لأنه غير جار على الفعل. وقد قرئ " سواءً " بالنصب " العاكف " بالخفض، على أن يكون " سواء " مفعولاً ثانياً ل " جعلناه " والعاكف والبادي بدلاً من الناس، أو نعتاً لهم.
ثم قال: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ﴾ فالباء في " بإلحاد " زائدة. قاله: الأخفش وأبو عبيدة. وقال الكوفيون: إنما دخلت الباء هنا، لأن معناه: ومن يرد فيه بأن يلحد. والباء تدخل وتحذف مع " أن " كثيراً ومنع المبرد، الزيادة في كتاب الله، والقول عنده: إن يرد. يدل على الإرادة. فيدخل الباء مع الفعل. على تقدير دخلوها مع المصدر. فالتقدير عنده. ومن أراد به بأن يلحد، وهو ظالم. كما قال: أريد لأنْسَى ذِكْرَه. فأكنما تخيل لي ليلاً بكل سبيل. فأدخل اللام، على تقدير دخولها مع المصدر. أي: إرادتي لكذا.
قال ابن عباس: ﴿بِظُلْمٍ﴾ بشرك.