هو مجنون أي: لا يسأل مثل هذا السؤال إلا مجنون/.
فلما دعاهم مع شرفهم عند أنفسهم إلى اتباعه والقبول لقوله وذلك عندهم متعذر منهم، نسبوه إلى الجنون.
ثم قال: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ أي: قد علموا أنه محمق فيما جاءهم به، وليس بمجنون، ولكن أكثرهم كاره لا تباع الحق الذي قد صح عندهم وعلموه حسداً منهم له، وبغياً عليه واستكباراً في الأرض.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَآءَهُمْ﴾.
أي: ولو اتبع الله تعالى أهواء الكفار، قاله السدي.
وتقديره على قوله: ولو اتبع صاحب الحق أهواء المشركين ﴿لَفَسَدَتِ السماوات والأرض﴾ باتباع آرائهم، لأنهم لا يعلمون العواقب، وأهواء أكثرهم على إيثار الباطل على الحق، والسماوات والأرض وما بينهما لم يقمن إلا بالحق.
وقيل: الحق هنا: القرآن، والمعنى: ولو نزل القرآن بما يحبون لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن.
وقيل: هو مجاز، والتقدير: ولو وافق الحق أهواءهم، فجعل موافقته اتباعاً، مجازاً ويكون التقدير على هذا، لو كانوا يكفرون بالرسل، ويعصون الله، ولا يجازون على ذلك ويعاقبون لفسدت السماوات والأرض.
وقيل: المعنى: لو كان الحق فيما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله لتعالت بعضها على بعض واضطرب التدبير ففسدت لذلك السماوات والأرض.


الصفحة التالية
Icon