مالك، وهو عليهم، وله مجلس في وسطها تمر عليه ملائكة العذاب، وهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: يا مالك ليقض علينا ربك، سألوا الموت فمكثوا لا يجيبهم ثمانين سنة من سني الآخرة، ثم لفظ إليهم فقال: إنكم ماكثون، فلما سمعوا ذلك قالوا: فاصبروا، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله قال: فصبروا، فطال صبرهم، فنادوا: ﴿سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ﴾، أي: منجى، فقام إبليس عند ذلك فخطبهم فقال: ﴿إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق﴾، إلى قوله: ﴿أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ﴾ [إبراهيم: ٢٢]، فلما سمعوا مقالته، مقتوا أنفسهم قال فنودوا: ﴿لَمَقْتُ الله أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿مِّن سَبِيلٍ﴾... قال فيجيبهم الله جل ذكره فيها: ﴿ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ﴾ إلى ﴿الكبير﴾.
قال: فيقولون: ما أيأسنا بعد. قال ثم دعوا مرة أخرى، فيقولون:
﴿رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾... إلى... ﴿مُوقِنُونَ﴾. قال: فيقول الرب:
﴿وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ إلى قوله: ﴿بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. قال فيقولون: ما أيأسنا بعد قال: فيدعون مرة أخرى: ﴿رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل﴾. قال: فيقول لهم: ﴿أَوَلَمْ تكونوا أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ﴾.. الآية. قال: فيقولون: ما أيأسنا بعد ثم قالوا مرة أخرى: ﴿رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ﴾. قال: فيقول لهم:
﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ﴾ من تذكر... ﴿مِن نَّصِيرٍ﴾... قال: ثم مكث عنهم ما شاء الله ثم ناداهم: ﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾، فلما سمعوا ذلك قالوا: الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك: ربنا غلبت علينا شقوتنا أي: الكتاب الذي تقدم فيه أنا أشقياء، ﴿وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ...﴾ إلى ﴿... ظَالِمُونَ﴾. فقال لهم ذلك: اخسئوا فيها ولا