وكيف نرضى بذلك، نحن لا نرضى بذلك لأنفسنا، فكيف نرضاه لغيرنا، ووقع هذا الجواب على المعنى لا على اللفظ، لأنه ليس بجواب لقوله ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ﴾ ولكن حمل الجواب على المعنى لأن من عبد شيء فقد تولاه، ومن تولى شيئا فالمتولي ولي للمتولي، فكلاهما ولي للآخر، فلذلك قالوا: ﴿مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ﴾ فجاء الجواب على المعنى هذا يسمى التدريج عند بعض أهل النظر، ومثله قوله: ﴿أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ﴾ [سبأ: ٤٠] فأتى الجواب على المعنى، فقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ [سبأ: ٤١] فكأنه قال: أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون، اتخذوكم أولياء يعبدونكم فقالوا: ﴿أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ﴾ وكذلك قوله ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي﴾ معناه: أنتم اتخذتم عبادي أولياء فضلوا. فقالوا: ﴿قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ﴾. وقرأ الحسن وأبو جعفر ﴿أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ﴾ بضم النون وفتح الخاء.
قال أبو عمرو: لو كانت نُتخذ لحُذفت " من " الثانية: فقلت أن نتخذ من


الصفحة التالية
Icon