على شكر نعمه عندكم.
ثم قال تعالى: ﴿وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ﴾ أي: إن تكذبوا أيها الناس محمدّاً فيما دعاكم إليه، فقد كذب جماعات من قبلكم رسلها فيما أتتهم به من الحق، فحلّ بهم سخط الله، فكذلك سبيلكم سبيل الأُمم فيما هو نازل بكم، إذا كذبتم رسولكم.
﴿وَمَا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ المبين﴾ أي: ما على محمد إلاّ أن يبلغكم من الله رسالته الظاهرة لمن سمعها.
ثم قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ أي: ألم يرَ هؤلاء المنكرون للبعث كيف يُبدئ الله خلق الإنسان من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم ينقله حالاً من بعد حال حتى أن يصير رجلاً كاملاً.
فمن قدر على هذا فهو قادر على إعادة المخلوق بعد موته، وذلك عليه هيّن لأن الإعادة عندكم أسهل من الابتداء، إذ الابتداء كان على غير مثال والإعادة هي على مثال متقدم، فذلك أسهل وأيسر فيما يعقلون.
وقيل: معناه: كيف يُبدئ الله الثمار وأنواع النبات فتفنى بأكلها ورعيها وشدّة الحرّ عليها، ثم يعيدها ثانية أبداً أبداً، وكيف يُبدئ الله خلق الإنسان فيهلك، ثم يحدث منه ولداً، ثم يحدث للولد ولداً، وكذلك سائ الحيوان يبدئ الله خلق الوالد ثم يعيد منه خلق الولد، ويهلك الوالد، وهكذا أبداً.. فاحتجّ الله عليهم بذلك لأنه أمر لا ينكرونه، يقرون به فمن قدر على ما تقرون قادر على إعادته بعد موته، وذلك أهو عليه فيما تعقلون، وكل عليه هيّن. ومعنى ﴿يَرَوْاْ﴾: يعلموا.


الصفحة التالية
Icon