سفيان ومن معه من المشركين فنزلوا بأعلى وادي [فينا] من تلقاء الغاية فحاصروهم قريباً من عشرين يوماً. وقيل أكثر من ذلك.
فلما اشتد البلاء على المسلمين نافق كثير من الناس وتكلموا بكلام قبيح، فلما رأى النبي ﷺ ما الناس فيه من البلاء جعل يبشرهم ويقول: " والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِيُفَرِّجَنَّ عَنْكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنَ الشِّدَّةِ، وَإِنِي لأَرْجُوا أَنْ أَطُوفَ بِالبَيْتِ العَتِيقِ آمِناً، وَأَنْ تُدْفَعَ إِلَيَّ مَفَاتِيحُ الكَعْبَةِ، وَلَيُهْلِكَنَّ اللهُ قَيْصَراً وَلَنُنْفِقَنَّ أمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ". فقال رجل من المنافقين: ألا تعجبون من محمد يعدنا أن نطوف بالبيت العتيق، وأن نقسم كنوز فارس والروم ونحن هاهنا لا يأمن أحدنا أن يذهب لغائط، ما يعدنا إلا غروراً. وقال آخرون منهم: يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا، وقال آخرون: إئذن لنا فإن بيوتنا عورة، فوجه النبي ﷺ إلى بني قريظة ليذكرهم حلفهم ويناشدهم، فسبوا الرسل وعندوا عن الحق وأبو إلا نقض العهد والخلاف عليه فشقَّ ذلك على النبي عليه السلام والمسلمين، فلما اشتدّ الأمر على المسلمين قال النبي عليه السلام: " اللهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ عَهْدكَ وَوَعْدَكَ، اللهُمَّ إِنْ تَشَاء لاَ تُعْبَد ".