ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ الفتنة لآتَوْهَا﴾. [أي: لو دخلت المدينة على هؤلاء القائلين: إن بيوتنا عورة من جوانبها قاله قتادة.
﴿ثُمَّ سُئِلُواْ الفتنة لآتَوْهَا﴾] أي: لو سئلوا الشرك لأعطوه من أنفسهم طائعين، ومن قطر لأتوه، فمعناه: لجاؤوا الكفر طوعاً.
وقيل: المعنى: ولو دخلت عليهم البيوت من نواحيها ثم سئلوا الشرك لقبلوه وأتوه طائعين.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا تَلَبَّثُواْ﴾ أي بالمدينة. قاله القتبي. وقيل: المعنى: وما تلبثوا بالفتنة.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار﴾ أي: ولقد كان هؤلاء الذين يستأذنون رسول الله في الانصراف عنه عاهدوا الله من قبل لا يولون عدوهم الأدبار فما أوفوا بعهدهم.
﴿وَكَانَ عَهْدُ الله مَسْئُولاً﴾ أي: يسأل الله ذاك من أعطاه إياه من نفسه. وذكر أن ذلك نزل في بني حارثة لما كان من فعلهم، وهم الذين هموا أن يفشلوا يوم أحد مع بني سلمة، وهو قوله جل ذكره: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ﴾ [آل عمران: ١٢٢]، ثم عاهدوا الله لا يولون العدو الأدبار ولا يعودون لمثلها فذكر الله لهم ما قد أعطوا من أنفسهم ولم يفوا به.