ثم قال: ﴿وَجَعَلْنَا الأغلال في أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ﴾ أي: أغللنا أيدي الكافرين بالله في جهنم إلى أعناقهم جزاء بما كانوا في الدنيا يكفرون بالله.
قال الحسن: إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب، ولكن إذا طفى بهم اللهب ترسبهم في النار.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ﴾ أي: ما بعثنا في أهل قرية نذيراً ينذرهم بأس الله أن ينزل بهم على كفرهم.
﴿إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ﴾ أي: كبراؤها ورؤوسها في الضلالة.
﴿إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ كما قال لك مشركوا قومك يا محمد.
ثم قال: ﴿وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً﴾ أي: وقال أهل الاستكبار على الله ورسله من كل قرية أرسلنا فيها نذيراً: نحن أكثر من الأنبياء أموالاً وأولاداً وما نحن في الآخرة بمعذبين/، لأن الله لو لم يكن راضياً عنا في ديننا لم يعطنا ذلك ويفضلنا به، كما قال قومك يا محمد لك.
ثم قال تعالى ذكره لنبيه: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ﴾ أي: يوسع على من يشاء في رزقه ويضيق على من يشاء. وليس التوسع في الرزق بفضل ومنزلتة وقربة لمن وسع عليه، ولا التضييق في الرزق لبغض ولا مقت ولا إهانة لمن ضيق عليه، بل ذلك كله لله تعالى، يفعل ما يشاء محنة لعباده وابتلاء منه ليعلم الشاكر من الكافر، علما ً يجب عليه الجزاء، وقد كان علمه قبل أن يبلتي أحداً بذلك، ولكن يريد أن يعلمه علم مشاهدة يقع عليها الجزاء.
ثم قال تعالى: ﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي: لا يعلمون أن الله إنما يفعل ذلك اختباراً وامتحاناً فيظنون أنه إنما وسع على قوم لفضلهم ومحبتهم، وضيق على قوم لبغضهم ومقتهم.
ثم قال: ﴿وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بالتي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى﴾ أي: ليس ما كسبتم من


الصفحة التالية
Icon