أي: أولم يسر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد في الأرض، فينظروا عاقبة الأمم الذين كذبوا الرسل من قبلهم، فيتعظوا ويزدجروا عن إنكارهم لنبوتك وتكذيبك فيما جئتهم به، ويخافوا أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك الأمم من العقوبات.
والمعنى: أنهم قد ساروا ونظروا لأنهم كانوا تجاراً إلى الشام، فيمرون على مدائن قوم لوط وغيرها من المدن التي أهلك الله قومها لكفرهم بالرسل، كما تقول للرجل ألم أحسن إليك؟ أي: قد أحسنت إليك.
ثم قال: ﴿وكانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ أي: وكان أولئك الأمم أشد من هؤلاء قوة في الأبدان والأموال والأولاد، فلم ينفعهم ذلكإ ذ كفروا، فأحرى أن لا ينتفع هؤلاء بقوتهم وكثرة أموالهم وأولادهم إذ هم دون أولئك.
ثم قال: ﴿قُوَّةً وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السموات وَلاَ فِي الأرض﴾ أي: لم يكن شيء يفوت الله بهرب ولا غيره، بل كان تحت قبضته فلا محيص عنه ولا مهرب في السماوات ولا في الأرض.
بل هذا وعيد وتهديد وتخويف لمن أشرك بالله وكذب محمداً عليه السلام.
ثم قال: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً﴾ أي: بخلقه وما هو كائن، ومَنِ المستحق منهم تعجيل العقوبة، ومن هو راجع عن ضلالته ممن يموت عليها. ﴿قَدِيراً﴾ أي: قادراً على جميع ذلك لا يتعذر عليه شيء.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ﴾ أي: لو عجل الله عقوبة بني آدم الآن بظلمهم لم يبق أحد إلا هلك، ولكن يؤخر عقابهم إلى وقت معلوم، وهو الأجل المسمى الذي لا يتجاوزونه ولا يتقدمون قبله.
قال قتادة: فعل الله ذلك بهم مرة في زمن نوح فأهلك ما على ظهر الأرض من