ثم قال تعالى ذكره: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾، أي: وإن لسليمان في الآخرة عند الله لقربة منه وحسن مرجع ومصير. وإنما رغب سليمان إلى الله في هذا الملك ليعلم منزله عند الله، ودرجته، وقبول توباته، ومقدار إجابته له، لا لمحبته في الدنيا ورغبته فيها وجلالة قدرها عنده، بل كانت أهون هنده من ذلك.
ويجوز أن يكون سأل ذلك ليقوى به على الجهاد في سبيل الله تعالى، لا لمحبته في الدنيا وملكها.
وقوله: ﴿لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بعدي﴾، الأحسن في تأوليه: (لا أسلبه) كما سلبت ملكي قبل هذا، لا أنه بَخَّلَ على من بعده أن يكون له مثل ملكه بعد موته.
وقيل: معناه: لا ينبغي لأحد من أهل زماني فيكون ذلك لي واختصاصي به دون غيري، حجة لي على نبوتي وأني رسولك إليهم.
وإذا أتى بمثل ملكي غيري من أهلي زماني لم يكن له حجة على من أرسلت إليه، إذ قد أوتي غيري مثل ما أوتيت.
فانفرادي بذلك يدل على نبوتي وصدقي. إذْ كانت الرسل لا بد لها من أعلام تفارق بها سائر الناس.
وذكر ابن وهب عن ابن شهاب أن سليمان عليه السلام كان إذا رأى ما هو