وقد روي أنه تعالى يحاسب الخلق كلهم في مقدار حلب شاة، وإنما هو تعالى يريد حساب كل نفس ويحدثه فيحدث لكل واحد منهم محاسبة في الحال التي يحدث فيها المحاسبة والمساءلة لأن بعض كلامه لا يشغله عن بعض، وكذلك بعض خلقه لا يشغله عن بعض، وهذه هي الصفات التي لا يشاركه فيها أحد، ليس كمثله شيء. ولا يجوز لأحد أن يتأول أو يتخايل إليه في محاسبة الله سبحانه خلقه أنه يحاسبهم بكلام أو لسان. تعالى الله عن الجوارح وعن مشابهة المخلوقين، إنما يحدث لكل إنسان محاسبة في الحال التي يريد محاسبته فيها. فافهم هذا ونزه الله عن التشبيه بالمخلوقين.
ثم قال تعالى: ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأزفة﴾، أي: وأنذر يا محمد مشركي الهعرب وحذرهم من يوم الآزفة، يعني: يوم القيامة. وسميت آزفة لقربها. يقال أزف الشيء إذا قرب.
ثم قال: ﴿إِذِ القلوب لَدَى الحناجر كَاظِمِينَ﴾.
قال قتادة: ارتفعت القلوب في الحناجر من المخافة.