قال أبو محمد: وهذا يدل على إعجاز القرآن، فلو كانوا يقدرون على مثله أو على شيء منه لعارضوه به ولاحتجوا عليه بذلك.
ثم قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾، أي: وقال المشركون لمحمد ﷺ قلوبنا في أوعية قد تغطت بها فلا تفهم عنك ما تقول لها كقول اليهود للنبي ﷺ: قلوبنا لف وواحد الاكنة كنان.
﴿وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ﴾، أي: صمم، فلا تسمع منك ما تقول كراهة لقولك.
قال مجاهد: في أكنة: " كالجعبة للنبل "، وقال السدي: في أكنة: في أغطية.
ثم قال تعالى: حكاية عنهم: ﴿" وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ "، أي: حاجز فلا نجامعك على شيء مما تقول، نحن نعبد الأصنام وأنت تعبد الله سبحانه. فهذا هو الحاجز الذي بينهم وبين النبي ﷺ.
ثم قالوا له: ﴿فاعمل إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾، أي: فاعمل يا محمد بدينك، إننا عاملون بديننا، ودع ما تدعونا إليه من دينك وندع دعاءك إلى ديننا.
وقيل: المعنى: فاعمل في هلاكنا وضرنا إنا عاملون في مثل ذلك منه.


الصفحة التالية
Icon