وقد روي أن رجلاً من الأنصار على عهد النبي ﷺ استتر بشجرة يصلي من الليل فقرأ " ص " فلما بلغ السجدة سجد وسجدت معه الشجرة فسمعها وهي تقول: اللهم أعظم لي بهذه السجدة أجراً، وارزقني بها شكراً وضع عني بها وزراً، وتقبلها مني كما تقبلها من عبدك داوود (عليه السلام). فذكر الرجل ذلك لرسول الله ﷺ فقال: " نحن أحق أن نقول ذلك ". فكان النبي ﷺ يقول ذلك في سجوده ".
ثم قال تعالى ﴿فَإِنِ استكبروا فالذين عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ باليل والنهار﴾، أي: فإن استكبر هؤلاء الذين أنت - يا محمد - بين أظهرهم، عن السجود والخضوع لله الذي خلقهم وخلق الشمس، فإن الملائكة الذين عند ربك لا يستكبرون عن ذلك: على جلالة قدرهم، بل يسبحون له ويصلون ليلاً ونهاراً.
﴿وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ﴾، أي: لا يفترون ولا يملون.
ومعنى ﴿عِندَ رَبِّكَ﴾، أي: في طاعته وعبادته، لم يعن القرب من مكانه لأن المكان على الله تعالى لا يجوز ولا يحتاج إلى مكان لأن المكان محدث وقد كان تعالى ذكره ولا مكان. فالمعنى: فالذين في طاعة ربك وعبادته يسبحون له.
قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً﴾ - إلى قوله - ﴿مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾.


الصفحة التالية
Icon