وهذا مما يدل على نقض قول أهل البدع: إنه بمعنى خلقنا. إذ لو كان بمعنى خلقنا؟ إذ لو كان بمعنى خلقنا، لم يتعد إلا إلى مفعول واحد.
ومثله قوله تعالى: ﴿الذين جَعَلُواْ القرآن عِضِينَ﴾ [الحجر: ٩١]، فلو كان بمعنى " خلق " لصار المعنى أنهم خلقوا القرآن، وهذا محال.
ولم يُلْقِهِم في هذا الخطأ العظيم، والجهل الظاهر إلا قلّة علمهم بتصاريف اللغات وضعفهم في معرفة الإعراب. وقوله: ﴿لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، معناه: أنزلنا القرآن بلسانكم لتعقلوا معانيه ومواعظَه، ولم ننزله بلسان العجم فتقولوا نحن عَرَبٌ، وهذا كلام لا نفقه معانيَه.
قال قتادة: " والكتاب المبين: مبين - والله - بركته وهداه ورشده ". وقيل: المبين، أي: أبان الهدى من الضلالة، والحق من الباطل.
ثم قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾، أي: وإن القرآن في أم الكتاب، يعني: اللوح المحفوظ: وأم الكتاب: أصله.


الصفحة التالية
Icon