وقد قرأ ابن مسعود (مَا لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ) كما قال: ﴿لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ﴾ [مريم: ٤٢]، فأجراه على المعنى، وأتى بـ " ما " التي تكون لما لا يعقل، وقد كان يلزم أن يقرأ: " وهي عن دعائهم غافلة لكنه أتى به على لفظ من يعقل، فمرة رد الكلام على المعنى، ومرة رده على ما جرى في مخاطباتهم ومثل قراءة الجماعة هنا: قوله: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله﴾ [الزمر: ٣] وأتى بالهاء والميم وهما لمن يعقل، فجرى الإخبار عن الأصنام على ما يجري في مخاطباتهم، لأنهم أجروها مجرى من يعقل ومن يميز، ولو أتى الكلام على المعنى لقال: " ما نعبدها إلا لتقربنا ". وهذا كله توبيخ من الله جلَّ ذكره للمشركين لسوء رأيهم وقبح اختيارهم في عبادتهم ما لا يعقل شيئاً ولا يفهم، وتركهم عبادة من أنعم عليهم بجميع ما هم فيه من النعم، وإليه يلجئون ويتفرعون عند حاجتهم وضروراتهم.