وفي هذه الآية دلالة على ضعف قول من يفرق بين الإسلام والإيمان، ويجعل الإيمان أفضل من الإسلام، إذ أخبر الله جل ذكره ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام﴾ فهو الإيمان بعينه، إذ لا يرضى الله من خلقه بما هو أدون، ويدل على ذلك قوله: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥].
فالإسلام: هو الإيمان إذا استوى الباطن والظاهر، فإن خالف الظاهر الباطن فيهما فليسا بدين يتقبله الله، نحو قوله: ﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤] ونحو قوله ﴿وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ آمَنَّا بالله وباليوم الآخر وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾
[البقرة: ٨] لم يحصلوا على شيء لما خالف باطنهم ظاهرهم.
وقد قيل: " إن الإسلام أعم من الإيمان، لأن الإيمان ما صدق به الباطن، والإسلام ما صدق به الباطن ونطق به الظاهر.
ومعنى ﴿الذين أُوتُواْ الكتاب﴾ أي: الإنجيل، وهم النصارى الذين اختلفوا في محمد ﷺ. وقيل: في عيسى للبغي من بعدما جاءهم العلم، فعلوا ذلك طلباً للرياسة والدنيا، قوله: ﴿سَرِيعُ الحساب﴾ أي: أحصى كل شيء بلا معاناة ولا عدد.