تفاوت الاستعارة في اللفظ الواحد وتعددها للتناسب
ومن سرِّ هذا الباب، أنك تَرى اللفظة المستعارة قد استُعيرتْ في عدَّةِ مواضعَ، ثم تَرى لها في بعض ذلك، مَلاحةً لا تَجِدُها في الباقي. مثال ذلك أنك تَنْظر إلى لفظة "الجسر" في قول أبي تمام [من البسيط]:
لا يَطْمعُ المرءُ أن يجْتابَ لُجَّتَهُ | بالقولِ ما لم يَكُنْ جِسْراً له العَمَلُ |
بَصْرْتَ بالرَّاحةِ العُظمى فلم تَرَها | تُنَال إلا عَلَى جسرٍ من التعَبِ |
قولي: "نعم"! و "نعم" إن قُلْتِ، واجبةٌ... قالت: "عسى"! و "عسى" جِسْرٌ إلى نَعَمِ
فتَرى لها لُطْفاً وخَلابةً وحُسْناً، ليس الفَضْلُ فيه بقليل.
ومما هو أَصْلٌ في شرَف الاستعارة، أن تَرى الشاعرَ قد جمعَ بين عدةِ استعاراتٍ قَصْداً، إلى أَنْ يُلحقَ الشكلَ بالشكل وأن يُتِمَّ المعنى والشَّبهَ فيما يريد. مثالُه قولُ امرئ القيس [من الطويل]:
فقلتُ له لما تَمطَّى بصُلْبه | وأَرْدَف أَعجازاً وناءَ بكَلْكَلِ |
شرح معنى النظم الذي يظهر فيه سر البلاغة