﴿عَلَّمَهُ﴾ [(٥) سورة النجم] إياه ملك ﴿شَدِيدُ الْقُوَى﴾، ﴿ذُو مِرَّةٍ﴾ [(٦) سورة النجم] ذو مرة: "قوة وشدة" وهذا من باب التأكيد، شديد القوى ذو مرة أي: "قوة وشدة"، والوصف قد يتعدد باعتبار تعدد اللفظ، وإن كان المعنى واحد، ويؤتى به حينئذٍ للتأكيد، والصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي، يعني قوة وشدة يستطيع أن يكتسب سوي ليس فيه عاهة تمنعه من التكسب، قوة وشدة ومن المفسرين من يقول: إن معنى المرة هنا الطول والجمال وحسن الهيئة، ولا تنافي بين هذا وهذا، قال: "أو منظر حسن والمراد جبريل -عليه السلام-"، علمه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد تلقاه عن الله -جل وعلا-، ﴿فَاسْتَوَى﴾ [(٦) سورة النجم] "استقر"، ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾ [(٧) سورة النجم] " أفق الشمس عند مطلعها على صورته التي خلق عليها، فرآه النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان بحراء قد سد الأفق إلى المغرب، فخر مغشياً عليه، وكان قد سأله أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها، فوعده بحراء، فنزل جبريل له في صورة الآدميين".
جبريل: خلق عظيم من خلق الله -جل وعلا-، شديد القوى له ستمائة جناح، الواحد منها يسد الأفق، وبجناح منها رفع قرى قوم لوط، طلب منه النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يراه على خلقته، فاتفق معه على أن يخرج إلى حراء، ولذا يقول: ﴿فَاسْتَوَى﴾ [(٦) سورة النجم] أي "استقر"، ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾ [(٧) سورة النجم] "أفق الشمس" استوى جبريل، وهو أي جبريل بالأفق الأعلى؛ لأن هناك تفسير يختاره الطبري لم يسبق إليه قال: "فاستوى جبريل وهو -يعني والنبي -عليه الصلاة والسلام- استويا في الأفق الأعلى"، لكنه لم يوافق على هذا التفسير، والعطف على ضمير الرفع المتصل لا يجوز عند أهل العربية، أورد له شواهد، لكنه لا يجوز إلا في ضرورة الشعر.

وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل
أو فاصل ما وبلا فصل يرد في النظم فاشياً وضعفه اعتقد
أما في النثر لا يجوز، وهذا مما يضعف قول ابن جرير -رحمه الله-.


الصفحة التالية
Icon