وفي قوله -جل وعلا-: ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ [(١٥) سورة طه] يعني ظاهر اللفظ يدل على أنه أظهرها، لكنه إظهار لم يطلع عليه إلا النادر من الناس أو من الخلق؛ لأن كاد إذا أثبت غير كاد إذا نفي ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ يعني يقرب إخفائها، ﴿وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ﴾ [(٧١) سورة البقرة] يقرب عدم فعلهم لها، مع أنه لم يطلع عليها أحد، ولا جبريل ولا محمد ولا من دونه، ولذا يقول العلماء في قوله-جل وعلا-: ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ حتى عن نفسي يعني مبالغة في إخفائها، مقتضي قوله: ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ يعني قرب إخفائها، فمعناه أنه أظهرها إظهاراً قريباً من الخفاء والإخفاء، والواقع أنه أخفاها لم يظهرها لأحد، ولذا يقول جمع من المفسرين: أن معنى ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ يعني حتى عن نفسي مبالغة في إخفائها، وبهذا نعلم خطأ من قدر قيام الساعة بمقدمات باطلة فمن قائل يقول: إن الساعة تقوم سنة ألف وأربع مائة، ومن قائل يقول: إن الساعة تقوم سنة ألف وأربع مائة وسبعة، وللسيوطي كتاب اسمه: "الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف"، طيب من قال: ألف وأربع مائة، قال: إن عمر هذه الأمة هو وقت صلاة العصر من مصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس، وهذا بالنسبة للنهار الخمس، والخمس سبعة آلاف، ألف وأربع مائة، هل يصلح مثل هذا أن تعارض به النصوص القطعية في الثبوت والدلالة؟ من قال: ألف وأربع مائة وسبعة، قال: لا تأتيكم إلا بغتة، وبغتة بحساب الجمل ألف وأربع مائة وسبعة ومثل هذا تعارض به النصوص القطعية؟ كلا، وهذا نظير ما قاله اليهود في مدة هذه الأمة لما نزل قول الله-جل وعلا-: ﴿الم﴾ [(١) سورة البقرة] قالوا: عمر الأمة سبعون سنة، دين مدته سبعون سنة ما يستحق أن يدخل فيه الإنسان حساب الجمل، هذا باطل بلا شك ﴿إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ [(٣٤) سورة لقمان] إلى آخر الخمس التي لا يعلمها إلا الله-جل وعلا-.


الصفحة التالية
Icon