أولاً: الأمم التي أهلكت آذت من لا يستحق الأذى، آذت أنبياء، آذت أولياء، وأما بالنسبة للأمم المتأخرة فلا شك أن فيهم ظلم وطغيان وجبروت، ولديهم من الأسلحة الفتاكة التي يتوصلون إلى أذى المسلمين أكثر مما كان عليه الأمر في السابق، لكنهم سلطوا على المسلمين بذنوبهم هم ظلمة ومستحقون للانتقام من الله -جل وعلا-، لكن بالمقابل الطرف الثاني ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾ [(٣٠) سورة الشورى] يعني فرق بين من يتصدى لنبي من الأنبياء ويؤذيه ويؤذي أصحابه والمتبعين له المقتدين به، وبين من يؤذي، بعضهم استحق هذا الأذى بذنوبه، والبعض الآخر يبعثون على نياتهم؛ لأن المصائب إذا نزلت عمت الصالح والطالح، وكثير منهم شركاء، والساكت عن الحق والساكت عن الإنكار مستحق للعقوبة، على كل حال هذا ابتلى من الله -جل وعلا- وهذا تمحيص، لا يعني أنهم استحقوا هذا العذاب بمعنى أنه لا يلام من آذاهم؛ لأن الإنسان، والمسائل مثل هذا المسائل يكون فيها أكثر من طرف، يكون فيها أكثر من طرف، دعونا في أمور فردية شخص من المسلمين عاصي سلط عليه ظالم، نقول: سلط عليه بما كسبت يداه هذا بالنسبة لهذا العاصي، وبالنسبة للظالم ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [(٤٢) سورة إبراهيم] كل له خطابه من الشرع، كل له ما يخصه من خطاب الشرع، يعني كون هذا مستحق للعقوبة؛ لأنه عاصي لا يعني أن من اعتدى عليه ليس بآثم ولا ظالم لا، فهذا مستحق لهذه العقوبة لتكفير ذنبه، وذاك ظالم بلا شك لاعتدائه على مسلم، وإن كان في الأصل مستحق لكن العقوبة ليست من البشر، العقوبة من الله -جل وعلا-، هو الذي يعاقب على هذه الذنوب، لكن قد يعاقب بعذاب الآخرة وقد يعجل هذه العقوبة على يد ولي أمر يقيم عليه الحد بأمر الله -جل وعلا-، وقد يعاقبه بتسليط ظالم عليه، لكن هذا لا يعفي الظالم من كونه مرتكب لجريمة.
يقول: أخذت على نفسي عهداً ألا أحضر درساً يشغلني عن وردي اليومي من القرآن فهل هذا صحيح؟


الصفحة التالية
Icon