والوزن كما يكون بالمحسوسات يكون أيضاً في المعاني، والعدل كما يطلب في وزن المحسوسات يطلب أيضاً في وزن المعاني، لا بد من العدل، العلماء حينما تكلموا في الرواة جرحاً وتعديلاً اهتموا بمسألة العدل، لا يجوز أن يجرح الراوي بأكثر مما فيه، كما أنه لا يجوز أن يعطى من الأوصاف والثناء ما يغرر بقبول خبره، وهو مما لا يقبل خبره، يعني لا بد أن يوزن الرجال بالقسط، وأعني بالرجال من يحتاج إلى وزنهم، من يحتاج إلى وزنهم، السنة لا تثبت إلا بالأسانيد، والأسانيد مشتملة على رواة، وكل راوٍ من الرواة له منزلة عند أهل العلم، لا يجوز أن ينزل عنها بحيث يرد خبره، ولا يجوز أن يرفع من شأنه بحيث يقبل خبره، وهو في الأصل لا يقبل خبره، لا بد من العدل، لا بد من الإنصاف، تجد بعض الناس إذا تكلم في بعض الأشخاص نسي الحسنات، وبعضهم إذا تكلم نسي السيئات، أولاً: الكلام في الناس وفي أعراضهم ينبغي أن يتقيه، أن يتقيه المسلم المتحري الحريص على براءة ذمته إلا بقدر الحاجة، يعني إن احتيج إليه، جاء شخص يسألك يستشيرك يقول: تقدم لنا فلان لخطبة البنت مثلاً تشير عليه، إذا كان فيه ما يمدح بسببه تمدح، وإذا كان فيه ما يذم بسببه تذم، ويكون هدفك بذل النصح لصاحبك، لا يكون هدفك التفكه بعرض فلان أو علان، ويكون بقدر الحاجة، وما زاد عن الحاجة يعود إلى الأصل وهو المنع، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار، يقول ابن دقيق العيد: "وقف على شفيرها العلماء والحكام" فالعلماء يحتاجون إلى الكلام في الناس، الحكام يحتاجون إلى الكلام في الناس، فلا تجوز الزيادة عن الحاجة، وأن يكون الكلام بالعدل بالقسط، لا يزاد في حق فلان ولا.. ؛ لأنه لو زدت في حقه ورفعته فوق شأنه إن كان راوياً جعلت الناس يقبلون خبره، وهو في الحقيقة خبره غير مقبول، هذا ضرر عظيم، وإن نقصت من شأنه جعلت الناس يردون حديثه، وقد يكون حديثه مقبول، فأنت غررت بهم، وإن كان مما يسأل عنه من أجل ولاية ونحوها إن رفعت من شأنه غششت به الأمة، وإن حططت من شأنه ظلمته وظلمت غيره، فلا بد من العدل، والإنسان ما دام في عافية ما علق هذا الأمر به ولا أنيط به فعليه أن يحرص على إبراء ذمته؛ لأن العدل في مثل هذه


الصفحة التالية
Icon