﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ﴾ [(٣٣) سورة الرحمن] يا معشر الجن والإنس هنا قدم الجن، وفي معارضة القرآن ﴿لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ﴾ [(٨٨) سورة الإسراء] قدم إيش؟ الإنس، لماذا قدم الإنس هناك وقدم الجن هنا؟ هناك في المعارضة المسألة تحتاج إلى فصاحة وبيان والإنس بها أليق، فقدموا، وهنا: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا﴾ [(٣٣) سورة الرحمن] هنا فيه ما يحتاج إلى قدرة والجن في مثل هذا أقدر من الإنس، يعني النفوذ إلى جهة العلو قدرة الجن أعظم من قدرة الإنس عليها بدليل أنهم يسترقون السمع، يعني كانوا يسترقون السمع وما حصل هذا من الإنس، هل استطاع إنسي أن يصعد إلى السماء فيسترق السمع؟ ما استطاع، فقدم الجن هنا: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا﴾ [(٣٣) سورة الرحمن] تخرجوا ﴿مِنْ أَقْطَارِ﴾ [(٣٣) سورة الرحمن] من "نواحي" السماوات والأرض ﴿فَانفُذُوا﴾ [(٣٣) سورة الرحمن] أمر تعجيز، ﴿لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ يعني بقوة، ولا قوة لكم على ذلك ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [(٣٣) سورة الرحمن] والكفار لما صنعوا ما صنعوا من المراكب الفضائية، وزعموا وادعوا أنهم وصلوا إلى الكواكب، وصلوا إلى القمر، وصلوا إلى المريخ، وصلوا إلى كذا، وقال من يستدل لهم بأن هذا ممكن أن عندهم سلطان، عندهم سلطان العلم، ووصلوا بواسطته ونفذوا، وهذا على القول بأن القمر في السماء، كما هو مفاد قوله -جل وعلا-: ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾ [(١٦) سورة نوح] يعني هو في السماء، يقولون: وصلوا إلى القمر وهو في السماء، وهل هو في السماء الدنيا أو في ما فوقها؟ كلام طويل لأهل التفسير، ومنهم من يرى أن القمر دون السماء وحينئذٍ لا إشكال، هم ما نفذوا، والذي يقر أن القمر في السماء يقول: إنهم نفذوا لكن بسلطان، ولا شك أن هذا جهل وضلال؛ لأن الأمر ليس أمر إمكان، إنما هو أمر تعجيز، ﴿إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا﴾ [(٣٣) سورة الرحمن] تخرجوا ﴿مِنْ أَقْطَارِ﴾ [(٣٣) سورة الرحمن]


الصفحة التالية
Icon