﴿فَلَا تَنتَصِرَانِ﴾ [(٣٥) سورة الرحمن] والكلام موجه إلى الجن والإنس، ﴿فَلَا تَنتَصِرَانِ﴾ [(٣٥) سورة الرحمن] يعني لا "تمتنعان من ذلك" لا تمتنعان من ذلك، من الذي يستطيع من الجن أو الإنس أن يمتنع من الشواظ والنحاس؟ لا يستطيع أحد ذلك "بل يسوقكم إلى المحشر" هذه النار تسوق الناس إلى المحشر، وهذا الذي جعل المفسر يختار أن النحاس هو الدخان، الشواظ اللهب الذي لا دخان معه، أو معه، والنحاس: الدخان الذي لا لهب فيه، يريد أن هذه نار تكون في آخر الزمان تحشر الناس إلى أرض المحشر، والذي يقول النحاس المراد به المعدن المعروف إذا أذيب يقول: هذا في النار ﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾ [(١٩) سورة الحج] وأيضاً مثل هذا النحاس يذاب ويصب عليهم، ومن استمع إلى الغناء جاء في الخبر: ((صب في أذنه الآنك يوم القيامة)) الرصاص المذاب -نسأل الله العافية-.
﴿فَلَا تَنتَصِرَانِ﴾ [(٣٥) سورة الرحمن] يعني: فلا "تمتنعان من ذلك بل يسوقكم إلى المحشر" ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [(٣٦) سورة الرحمن] الآلاء النعم، وما ذكر تخويف، تهويل، تشديد، فأي نعمة في هذه النار؟ وأي نعمة في هذا الرصاص؟ وأي نعمة.. ؟ نعم الذي يعتبر ويتعظ ويرعوي ويخاف من سوء العاقبة تكون له نعمة، فالتخويف بمثل هذا نعمة، ولذا جاء: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [(٤٦) سورة الرحمن] فهذه وإن كانت في ظاهرها نقم إلا أنها في باطنها نعم.


الصفحة التالية
Icon