يقول: ﴿وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ﴾ [(٦٢) سورة الرحمن] إذا كانت الجنتان الأوليان لمن خاف مقام ربه فهل الجنتان الأخريان لمن لم يخف؟ كلاهما يخاف، كلاهما يخاف مقام ربه، كلاهما يخاف مقام ربه إلا أن الخوف درجات كما أن النعيم درجات، والجنات درجات، وكلاهما يخاف مقام ربه، فالجنتان الأوليان لمن هو أعظم خوفاً من الله -جل وعلا-، من أصحاب الجنتين الأخريين، ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [(٦٣) سورة الرحمن] يعني مع هذه الجنات المشتملة على النعيم المقيم التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بشيء من هذه النعم التي قصها الله علينا في كتابه وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام- بشيء من هذه النعم نكذب معاشر الجن والإنس.
﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [(٦٤) سورة الرحمن] مدهامتان: يقول: "سوداوان من شدة خضرتهما" مدهامتان: سوداوان من شدة خضرتهما، يعني جمعن ثلاثة ألوان: الأدهم والأسود والأخضر، يمكن يتصور مثل هذا؟ الأدهم ما لونه؟ هاه؟ أسود؟ نعم؟
طالب:.........
الأزرق الغامق؟
طالب:.........
الأدهم، على كل حال هو اللون الداكن الغامق سواءً كان أصله عند التحديد أزرق أو أخضر أو بني يسمى أدهم، الخيل الدهم معروف أنها التي تميل إلى السواد وإن كان لونها يميل إلى اللون البني، "مدهامتان: سوداوان من شدة خضرتهما" الأخضر الغامق الداكن من بُعد يسمى أسود، وأحياناً يشك الإنسان هل هذا اللون أسود أو أخضر أو بني أو كحلي لشدة خضرته أو زرقته، ومن ذلك يقال: سواد العراق، سواد العراق، يسمى السواد لكثرة الزرع فيه، والزرع يتفاوت لونه خفةً وقوة، فإذا أكثر عليه الماء زادت خضرته، وصار لونه أخضر غامق، إذا خفف عليه الماء خف لونه، إذا ضعف عنه الماء خف لونه إلى أن يصير أصفر، هاتان الجنتان مدهامتان خضرتهما شديدة الخضرة، قريبة من السواد، وذلكم لأن العناية بما فيهما من أشجار العناية تامة، عناية إلهية، ولذا قال بعد ذلك: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ﴾ [(٦٦) سورة الرحمن] سوداوان من شدة خضرتهما ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [(٦٧) سورة الرحمن] هذا على ما تقدم.


الصفحة التالية
Icon