كثير من الناس في الدنيا يكذبون بيوم القيامة، كثير من الناس يكذبون بيوم القيامة، هذه في الدنيا وبإمكانهم ذلك؛ لأن لهم شيء من الاختيار الذي من أجله يؤاخذون على تكذيبهم، وليسوا مجبورين على ما يقولون خلافاً لما يقوله الجبرية، هم مختارون، ولهم مشيئة، ولهم إرادة لكنها تابعة لإرادة الله -جل وعلا-، تابعة لمشيئته الكونية، في الدنيا يوجد من يكذب، لكن إذا قامت هل يستطيع أحد أن يكذب بالشيء إذا وقع؟ لا يستطيع أن يكذب في أحد ينكر الموت؟ لأنه يراه بأم عينه، ما ينكره؛ لأن من الطوائف الشركية من يرى أن الموت من مفارقة الحياة يحصل لكنه موت مؤقت حتى تنتقل الروح إلى بدن آخر، وهذا كلام لا قيمة له؛ لأنه قول من يقول بالتناسخ وهو قول لا أثارة عليه لا من عقل ولا من علم، حتى العقل يرده؛ لأنه لو انتظروا ميتهم سنين هل يعود إليهم؟ لا يمكن أن يعود إليهم، إذا رأى الإنسان القيامة بعينه هل يستطيع أن ينفيها؟ لا يستطيع ولذا قال: ﴿ليْس لِوقْعتِها كاذِبةٌ﴾؛ لأنه إذا وقعت الواقعة وقامت القيامة لا يستطيع أن يكذب، كاذبة، كاذب: اسم فاعل أُنث، باعتبار النفس وهي مؤنثة كاذبة، ومعنى كاذبة يعني مكذبة تكذب، وكاذب ومكذب اسم فاعل، إما من كذب وإما من كذّب، لكن اسم الفاعل من كذب الثلاثي كاذب، وهو الذي يكذب فيما يصدر عنه، واسم الفاعل من كذّب يعني غيره، فهو مكذب، فكيف قال كاذبه وهو الأصل مكذبه؛ ولذا جاء في التفسير نفس تكذب، ممكن أن تقرأ نفس تكذب، نفس تكذب، والكذب الإخبار على خلاف الواقع، الإخبار عن الشيء على خلاف الواقع، فإذا أخبر عن القيامة أنها لا تكون سواء كان في الدنيا أو في الآخرة فهو كاذب في خبره، وإذا وجد هذا في الدنيا الكذب وهو عدم مطابقة الواقع في الخبر، إذا أمكن وجوده في الدنيا فإنه لا يمكن وجوده في الآخرة، فصح أن يقال عن المكذِّبة بأنها كاذبة لماذا؟ لأنها أخبرت عن الواقع على خلاف ما هو عليه، فهي كاذبة، وإن كان الأوضح في تعبير المتداول مكذبة، لكن كاذبة اسم فاعل من كذب، ومن أخبر عن الشيء بخلاف الواقع فهو كاذب، فهو كاذب، فلا يوجد من يكذب فيخبر عن القيامة من خلال الواقع إذا قامت؛ لأنها تكون حينئذ محسوسة، والمحسوس


الصفحة التالية
Icon