يقول المؤلف -رحمه الله تعالى - في تفسير السورة: ﴿وكنتم أزوجا﴾ يعني: في القيامة، يكون الناس أصناف كما أنهم في الدنيا أصناف، هم في الدنيا أصناف وهم في الآخرة أصناف، الدنيا دار ابتلاء، الناس فيها على ثلاثة أصناف، الناس فيها على ثلاثة أصناف: منهم: السابق، ومنهم: المقتصد، ومنهم: الظالم لنفسه، ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات﴾ [سورة فاطر: ٣٢] وهو نظير التقسيم الذي سيأتي، فالسابق هم السابقون هنا، والمقتصد هم أصحاب اليمين، والظالم لنفسه هم أصحاب الشمال، التقسيم هنا والتقسيم هناك، مع أن أهل العلم يختلفون في القسم الثالث، إلي هو الظالم لنفسه، ما المقصود به؟ السابق معروف قالوا عنه: أنه هو الذي يفعل المأمورات، سواء كانت واجبات أو مستحبات، ويتركون المنهيات، سواء كانت محرمات أو مكروهات، والمقتصد الذي يقتصر على الواجب ويترك المحرم، ويفرط في شيء من المندوبات وقل يرتكب شيء من المكروهات، هذا مقتصد، لأن هذا كفاف لا له ولا عليه، يعني أبرأ خرج من عهدة الواجب والمحرم وما عد ذلك تركا المندوبات لأنه لا يعاقب عليها، وارتكب بعض المكروهات لأنه لا يعاقب على فعله، هذا مقتصد، نقول للأول: الذي اشترى سلعة وباعها بربح والثاني: باعها برأس ماله يبقى الثالث، الظالم لنفسه: هو الذي باع بخسارة، باع بخسارة، لكن هل الأقسام كلها في دائرة الإسلام؟ لأن آية الملائكة آية فاطر تدل على ذلك، ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ومنهم ومنهم﴾ [سورة فاطر: ٣٢] فكلهم مصطفون، ويبقى أن الظالم نفسه الذي ظلم نفسه بترك بعض الواجبات وارتكاب بعض المحرمات، وهل يطابق التقسيم الذي عندنا، السابقون، أصحاب اليمين، أصحاب الشمال، يأتي في أصحاب الشمال، ما أعد لهم في الآخرة من العذاب، فمن قال إن الظالم لنفسه، في آية فاطر يشمل المسلم المسرف على نفسه بترك بعض الواجبات، وارتكاب بعض المحرمات، كما أنه يشمل من ظلم نفسه بما هو أكبر من ذلك من الشرك والكفر والنفاق، فيدخل فيه من المصطفين من يدخل، ويدخل فيه أيضا من خرج عن دائرة الإسلام بارتكابه ما يخرجه عنها.


الصفحة التالية
Icon