جزاء، فهو إما مفعول لأجله، أو مصدر ﴿بما كانوا يعملون﴾، بما كانوا يعملون، في أصحاب اليمين ما قال جزاء بما كانوا يعلمون، قال ذلك في السابقين، قال ذلك في السابقين ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [سورة الواقعة: ٢٤]، لأنهم بعملهم استحقوا هذه المنازل العلياء، وإن كان الأصل في دخولهم الجنة إنما كان برحمة الله -جل وعلا-، ((ولن يدخل أحدكم علمه الجنة، قالوا ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته))، وهنا قال: ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فلإنسان من السابقين يدخل الجنة برحمة الله، برحمة أرحم الراحمين وكان عمله لا يدخله الجنة، هذا بالنسبة لنبي - عليه الصلاة والسلام- فكيف بمن دونه؟ فكيف بمن دونه؟ فهم يدخلون الجنة برحمة الله -جل وعلا-، لكن هذه المنازل بعد دخولهم برحمة الله استحقوها بما كانوا يعملون، فلو كان هناك، قيل: ((لن يدخل الجنة أحد بعمله)) وهنا قيل: جزاء بما كانوا يعملون نقول: دخولهم الجنة برحمة أرحم الراحمين، واستحقاقهم المنازل، بحسب أعمالهم، ومراتبهم في الجنة بحسب أعمالهم، في أصحاب اليمين ما قال: ﴿جزاء بما كانوا يعملون﴾، وفي السابقين قال: ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ لماذا؟ لأن السابقين لهم عمل كبير وكثير، ولذا لا بد من اعتباره ولا بد من التنصيص عليه بخلاف أصحاب اليمين، فدخولهم الجنة واستحقاقهم المنازل برحمة الله -جل وعلا-، بالرحمة أكثر مما يتعلق بالعمل، وهذا هو الفرق بين هذا وهذا، ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا﴾ [سورة الواقعة: ٢٥]، يعني: الجنة: ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا﴾ يعني: في الجنة لغواً فاحشاً من الكلام، كم نسمع في الدنيا من اللغو والرفث، والكلام الباطل والثرثرة فيما لا ينفع، نسمع هذه بكثرة، والخصومات والمنازعات، والشتم، والسب، نسمع كثيراً وهذا يقلق الإنسان لاسيما عندما يريد الراحة، يقلق كثيراً من هذا الأمر، لكن في الجنة لا يسمعون فيها لغواً فاحشاً من الكلام ولا تأثيماً يعني: ما يقع الإثم بسببه، ما يؤثم ليس هناك من الأسباب التي تدعوا إلى الإثم فضلاً عن وقوع الإثم، فهم لا يسمعون كلاماً فاحشاً ولا كلاماً يأثمون بسببه، لا كلام مباح لا يترتب عليه


الصفحة التالية
Icon